الفعلي كسائر المصنوعات ؟ فأجاب عليه السلام بأنّ العلم الفعلي إنّما يكون مؤثّراً في الممكنات ، فإنّها لمّا استوت نسبتها إلى الوجود والعدم احتاج وجودها إلى مؤثّر مرجّح موجب ، فالعلم الفعلي لوجود الممكن إنّما تكوّن ويُحتاج إليه لنفي خلاف الوجود أي العدم ؛ ليكون الشيء بما نفي عنه من العدم الواقعي موجوداً ، وليس شأن الصانع كذلك ؛ لأنّه واجب الوجود بذاته ؛ فوجوده عين ذاته ، لا بمعنى أنّ وجوده معلول لذاته ، بل بمعنى أنّه غير معلّل بعلّة أصلاً ؛ إذ لا علّية بين الشيء وذاته ، فلم يكن هناك شيء يخالف وجوده ووجود كمالاته الّتي هي عين ذاته ، أي ليس لها عدم ممكن ؛ إذ الواجب بالذات ممتنع العدم ، فلايحتاج إلى نفي ذلك المخالف ـ أي العدم ـ عن نفسه وكماله ، بعلمه الفعلي وتحديد المعلوم بما عليه في الوجود ، فيكون على الوجهين إشارة إلى عينية وجود الصانع وصفات كماله لذاته .
ويمكن توجيه الحديث فيهما على وجه يكون إشارة إلى أنّ الصفات الكمالية للصانع ليست إختيارية له ، كما بيّنه المتكلّمون ؛ لأنّ مرجع ذلك لي عينية الصفات ؛ إذ الواقع بالاختيار حادث مسبوق بالقصد ومعلول لفاعله المختار ، فلايكون عين الذات القديمة الواجبة بالذات .
وبالجملة ظاهر الحديث نفي العلم رأساً ، وهو مخالف لظواهر مذاهب جميع الملّيين ، فلابدّ من تنزيله على وجه صحيح ؛ فإنّ ظاهره لاينطبق على قوانين الإسلام ، وقد يُدّعى انطباقه على ما تقرّر عند الصوفية من وحدة الوجود ، على أن يكون المراد بالكائن هو الحادث ؛ فإنّه على أصلهم متّحد من وجه بالصانع ، فلايكون شيئاً يخالفه
ويغايره مغايرة مطلقة ومن جميع الوجوه ، فانكشاف الحوادث عليه نفس علمه بذاته عندهم ، ونحن لانعرف مايقولون ، فسبحان اللّه عمّا يصفون ، وهذا ما خطر ببال الفقير إلى ربّه الغني ، بهاء اللّه محمّد الحسيني ـ عفى اللّه عنه ـ .
فهرست