شرح حديث « نية المؤمن خير من عمله » - صفحه 339

من سائر الأعمال ولم يبيّن ، على أن التأثر انفعال وليس بفعل ولا عمل .
نعم ، الوجه التاسع صريح في دفع تلك المعارضة ، وقد ذكره الغزالي أيضا عند شرح قوله صلى الله عليه و آله : إنما الأعمال بالنيات ، وهذا أيضا يدل على تفضيل النية ، وقد ذكر بعض العلماء أنه نصف العلم ، وقد بسطنا القول فيه في كتاب الأربعين .

[المستفاد من كلام المرتضى والشهيد والبهائي]

فالحاصل أن الذي فهمته من كلام المرتضى والشهيد والبهائي ـ عليهم الرحمة ـ وغيرهم ممّن تكلم في هذا الحديث : أن مطمح نظرهم كان في النية اللغوية التي لا يمكن وقوع الفعل من الفاعل المختار بدونها ، أعني : إرادة الفعل ، وهي المرجحة للوقوع على اللاوقوع ، ويستبعدون تفضيلها على العمل فتراهم يرتكبون تلك التمحّلات البعيدة ، ويوجّهون التوجيهات الغير السديدة في تأويل هذا الحديث وحمله على خلاف ظاهره ؛ إما لبيان تحصيل كون النية أفضل من العمل تارةً بتخصيصات واهية وتارةً بإضافة قيود غير وافية ، وإما لإنكار التفضيل رأسا وهو أعجبها وأغربها ، ولم يتفطّنوا إلى أجوبة السؤالات أصلاً ، وإنما همّهم بيان وجه تفضيل النية ، مع أن السائل لا يسأل عن وجه أفضلية النية على العمل بل ولا يشك في ذلك ، وكيف يسأل أو يشك في ما دل عليه العقل والنقل؛ إذ أدنى مراتب النية أنها للعمل بمنزلة الروح من الجسد ، ولا شكّ أن الروح أفضل من الجسد ، وإنما يسأل عمّا يعارض تلك الأفضلية من عدم الأحمزية ، والحال أنه ساعد الجواب التاسع من أجوبة البهائي الذي هو في الحقيقة للغزالي .
لم يوجد جواب من أجوبة المتقدمين والمتأخرين متعرض لبيان ذلك ، وإن وجد فغير تامٍّ .
ويسأل السائل أيضا عن المعارضة بحديث «إذا همّ . .» وليس في الجواب التاسع ولا في غيره وجه همّ بالتعرض لذلك ، ويسأل بالترديد المذكور وليس فيه ولا فيها وجه يردّه .

صفحه از 346