شرح حديث « نية المؤمن خير من عمله » - صفحه 345

ولا مجازاً، ولو عثر عليه السيّد أو الشهيد مع نهاية تتبعهما لذكرا منه مثالاً واحدا.
ثم على تقدير صحته فهل يَترك عاقل الحقيقة التي لا يرد على إرادتها محذور ـ بل قد دل على إرادتها العقل والنقل ـ ويرتكب المجاز ، ثم يورد عليه محاذير يتعسف الجواب عنها ، فهل هذا إلاّ من أغرب الغرائب وأعجب العجائب؟!
وحيث لم تكن النية عملاً ، فلا يعارض أفضليتها حديث الأحمزية ؛ لأنه مخصوص بالأعمال ، وما ينكر من كون فعل قلبي غير عمل ، ـ كالنية والاعتقاد والإيمان ـ يفوق ويفضل على جميع الأعمال ، وأما الأعمال فأفضلها أحمزها ، وحينئذٍ تندفع هذه المعارضة بحذافيرها ، بل لا يتصور لها ورود . وأما العجب من الشهيد عليه السلاممع ذكره لذلك كيف لا يتنبه لما هنالك !
وحينئذٍ تبقى من السؤالات المعارضة بحديث «مَن همّ . .» والترديد الذي ردّده السائل بقوله : إن كان العمل المفضول . . الخ ، الذي يقال : إنه أشد إشكالاً من غيره ، ولم يتعرض أحد للجواب عنهما إلى وقت تأليفي لكتابي الجواهر السليمانية والمسائل الحسينية . فأجبت عنهما في ذينك الكتابين بما سنح لي ، ولم يذكره أحد قبلي .
أما جواب المعارضة بحديث «مَن همّ» فهو أنه قد تقرر في علمَي المنطق والاُصول أن المدار علة للداعي ، مثلاً لما رأينا أن مدار تحريم الخمر على الإسكار وجودا وعدما ـ يعني : مادام مسكرا فهو حرام ، فإذا زال عنه الإسكار بأن صار خلاً مثلاً ، زال عنه التحريم ـ علمنا أن علة تحريم الخمر هو الإسكار؛ إذ مدار التحريم عليه ، فنقول هنا أيضا : إنّا لمّا رأينا [ أنّ ] مدار إعطاء العشر حسنات للعمل إنما هو على النية وجودا وعدما ـ يعني : إنّ العمل إن اقترن بالنية كان له عشر حسنات ، وإن لم يقترن بها لم يترتب عليه حسنة واحدة ـ علمنا أن العلة في ترتب العشر حسنات ، على العمل هي النية ، فتكون هي المفيدة للخيرية في العمل ، والعمل بدونها لا خير فيه أصلاً ، فتكون خيرا منه وأفضل .
وأما جواب الترديد فنقول للسائل : إنه قد بقي شق ثالث لم تذكره ، فإنك ذكرت

صفحه از 346