التكذيب لقول النبي (صلى الله عليه وآله) أن يقول الرجل: «أنا مكذّب لقول نبي الله (صلى الله عليه وآله)».
فأمّا إذا قال الرجل: «أنا مؤمن بكلّ شيء تكلّم به النبي ، غير أنّ النبي لا يتكلّم بالجور ، ولا يخالف القرآن».
فإنّ هذا القول منه هو التصديق بالنبي وبالقرآن ، وتنزيه له عن الخلاف على القرآن ۱ .
كما سبق نقل كلامه حول الخبر الواحد من أنّه لا يوجب العلم ، وأمّا التعبّد به فهو تحسيناً للظنّ برواته ولا ينتفي بذلك الشبهة عن الخبر ، فيبقى الخبر مشكوكاً في صدقه ، وإذا شكّ في الراوي ، لم يجز التعبّد به أيضاً.
واشتهر أبو حنيفة وأصحابه بأهل الرأي ، في مقابل أهل الحديث.
وقد تصدّى أصحاب أبي حنيفة للردّ على المزاعم التي تدّعي قلّة عناية أبي حنيفة بالحديث ، علماً ، وعملا ، وأنّه لم يستند في الفقه إلى الحديث مع وجوده ، وإنّما اعتمد على الرأي ; فعملوا «مسانيد أبي حنيفة» ۲ جمع كلٌّ منهم الأحاديث التي رواها أبو حنيفة ، واستند إليها في فقهه.
قال فريد وجدي: المتأمّل في مدى الخلاف بين أهل الرأي بالقياس ، وبين أهل الحديث يرى البون شاسعاً.
ومع هذا فقد رضي المسلمون هذا الخلاف الجوهريّ بين الفريقين ، وخصّوا صاحب المذهب الأوّل ـ وهو فارسيّ الجنس ، وقليل الحظّ من العربية ـ بلقب: «الإمام الأعظم» واتّبعه أكثر المسلمين ۳ .
1.(العالم والمتعلّم) لأبي حنيفة (ص۱۰۰) تحقيق محمّد رواس قلعة جي وعبدالوهاب الهندي الندوي ، طبع حلب ، مكتبة الهدى عام ۱۳۹۲هـ .
2.وهو يحتوي على (۱۷) مسنداً ، لسبعة عشر شخصاً ، طبعت في مجلّد واحد .
3.وفعلا أنّ الغالبية العظمى من العامّة يتمذهبون بالمذهب الحنفيّ مذهب أبي حنيفة. في الهند والباكستان والأتراك مطلقاً والعراق وقسم من أهل الشام وغيرهم من العلماء .