موقف الحشوية من مصادر الفكر الإسلامي الحدیث و القرآن - صفحه 38

لجامع الترمذي: ما ترجمته: في ذكر المصنّف لفظ: «بعض أهل الكوفة»: يريد به
الإمام أبا حنيفة رحمة الله عليه ، وهذا غاية التعصّب منه في شأن الإمام الأعظم.
ذكر هذا الدكتور نور الدين عتر ، ثمّ علّق: لا يمنع ميله عن الحنفية ، وهذا أمر طبيعي بعد ما عرفنا وصف الحالة العامّة بين مدارس الاجتهاد ، وما كان بينهم من خلاف ، فمن الطبيعي جدّاً أن يظهر في فقهه (أي: فقه الترمذي) أثر مسلك شيوخه ، وعلماء الحديث ـ إجمالا ـ لا يرتاحون إلى مسلك الكوفيين ، ومنهم الحنفية ، لإيغالهم في القياس والرأي ، ولشدّة تعمّقهم في الاستنباط وتفريع الفروع ممّا لم يألفه المحدّثون ، ولأنّهم كثيراً ما يكون عندهم في الحكم حديث يدلّ على ما ذهبوا إليه فلايذكرونه في معرض الاحتجاج لتشدّدهم في الحديث ، ويبرزون الاستدلال بالرأي ، فيظنّ أنّه ليس عندهم حديث في المسألة.
فذلك ما يجعل الترمذيّ وغيره من المحدّثين ينحرفون عن الحنفية ومن سار على طريقتهم من أهل الرأي، ممّا جعل عناية الترمذي بفقهه أدنى وأقلّ من عنايته بفقه المجتهدين المنسوبين لأهل الحديث ۱ .
وقال الحجوي ۲ : إنّ الخلاف في التحقيق إنّما هو في بعض الجزئيات ، يثبت بها الأثر عند الحجازيين دون العراقيين ، فيأخذون به ويتركه الآخرون ، لعدم اطّلاعهم عليه  ، أو لوجود قادح عندهم، ولقلّة بضاعتهم في الحديث، وبعدهم عن موطنه ، وتحرّجهم من الأخذ بأحاديث الآحاد خشية أن تكون موضوعة ، اتّجهوا إلى الرأي  ، فقدّموا القياس على خبر الواحد ـ أحياناً ! ـ وكان من منهج فقهاء هذه المدرسة أنّهم كانوا يتهيّبون رواية الحديث ورفع سنده للرسول ، مخافة أن يكون من الأحاديث الموضوعة.

1.(الإمام الترمذي والموازنة...) (ص۳۴۴) نقلا عن (شرح الترمذي) للسرهندي (ص۳۲۰) .

2.(الفكر السامي) (ص۹۵) .

صفحه از 34