التشريعات ـ حتّى في العصر الحاضر ـ ليس الثبوت إلاّ في مجالاتها الخاصّة وعند أهلها الخاصّين ، من أصحاب القانون والقوّة المقنّنة ، لا كلّ من هبّ ودبّ ، ولا في كلّ مكان، بل في محلّها الخاصّ وكتبها الخاصّة وجرائدها المخصوصة.
فوجود الأخبار عند أهل العلم بالشريعة ، ورواة الفقه ، وتدوينهم لها في كتبهم ، يفي بتحقّق ما يلزم من الإثبات الذي يساوي الإعلان بالشريعة.
وقد نهض بمشروع الحفاظ على ما يلزم من أدلّة الدين في أحاديثه نقلا وتدويناً مَنْ نذر نفسه لذلك من طلبة العلم وحماة الدين من الصحابة والتابعين والأئمّة والفقهاء على طول التاريخ ، حتّى حرسوا هذا التراث الضخم الفخم من الحديث الشريف ، الذي يعتبر كنزاً عظيماً في عالم التشريع والفكر.
إنّ إغفال العلمانية لكلّ هذه الحقائق ، وضربهم على أوتار معيّنة في دراساتهم إنّما هي أساليب فاشلة ومفضوحة لضرب الشريعة الإسلامية وتزييفها ، وإخلاء العالم الإسلامي منها ، لإدخال التشريع الغربي وإحلاله محلّها.
ولقد كشفنا عن جانب من أغراض هؤلاء في ردّنا على كتاب (تدوين السنّة) لإبراهيم فوزي بعنوان: «تدوين السنّة أم تزييف الشريعة ؟» وهو منشور.
إنّ موقف الحشوية من الحديث أدّى إلى:
1 ـ إقحام مجموعة من الأفكار الخاطئة إلى الساحة الإسلامية ، ممّا أشغل الآخرين بالردّ عليها وتفنيدها ، وضياع الجهود الجبّارة حولها ، ولولا ذلك المنهج الخاطئ ، لكان المسلمون في غنىً عن كلّ ذلك.
2 ـ تشويه سمعة الدين ، ممّا أدّى إلى ردود فعل عنيفة عند جماعات من داخل الأُمّة ، أو تجرّؤ الأعداء من خارجها.
والتفريط بالحديث الشريف الذي هو وحيٌ إلهيٌّ وذخيرة نبويّة لهداية الأُمّة ، ودليل ساطع على أحقّية الإسلام في عالم الفكر والتشريع. للبحث صلة.