ويطلب ذلك من الرسول صلّى الله عليه و آله و سلّم مراراً عديدة كما يشعر به لفظ «كان» وفي ذلك رفع لدرجة عمر في الزهد والسماحة حيث يحاول أن لا يأخذ المال إلّا إذا لم يوجد من هو أفقر إليه منه .
لكن رواية غير الزهري ليست بهذه الصورة ، وقد أخرجها مسلم في صحيحه ۱ وحاصلها : عملتُ على عهد رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم فعمّلني فقلت : إنّما عملت لله وأجري على الله ، فقال لي رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم : إذا أعطيت شيئاً من غير أن تسأل فكل وتصدّق .
فهذا ليس فيه ذكر الإيثار ، وإنّما فيه تقديم طلب معرفة أنّه يصلح له أخذه مع أنّه عمل لله ، أو لا يصلح لأنّه يفوت الثواب ، أو لأنّه يكون أخذ أجراً عاجلاً مع أنّه يعمل للأجر الآجل ، فيخشى أن يكون كالمتصدّق الذي يأخذ ثمن صدقته ، أي إنّه آخذه بغير حقّ .
وهذه الرواية ـ وإن كانت تنسب لعمر فضيلة في صنيعه الذي ظاهره التثبُّث مرّة واحدة ـ فإنّ رواية الزهري لم تقتصر على ذلك حتّى رفعت عمر لدرجة أعلى من ذلك ، وهي الاستمرار على حبّ الإيثار .
فصل
وممّا يتّهم به الزهري من الروايات في عمر ما أخرجه البخاري ۲ ومسلم ۳ من طريق الزهري أنّ عائشة قالت : كان عمر بن الخطاب يقول لرسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم أحجب نساء ك قالت : فلم يفعل . . . إلى آخره .