الزهري: أحاديثه و سيرته - صفحه 154

في الهواء ـ : ألك حاجة؟ فقال : أمّا إليك فلا .
فهل يبلغ بأحد يقينه بالله وتوكّله عليه إلى هذا الحدّ؟ بل لأمرّ ما اتّخذ الله إبراهيم خليلاً : {ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل وكنّا به عالمين} .
حاشا إبراهيم عليه السّلام .
ولكن الزهري متّهم بوضع هذه الرواية لتهوين أمر الشكّ ، لأنّه قد روى عن عمر في قصّة الحديبيّة التي رواها ما يشعر بأنّ عمر كان قد شكّ في النبوّة ، كما نذكره بعد هذا .
فأمّا قول إبراهيم عليه السّلام : {ولكن ليطمئن قلبي} .
فله احتمالان :
أحدهما : ولكن ليطمئن قلبي : بمعنى ليأمن قلبي من الخواطر التي لا تنافي صريح الإيمان ، ولكنّه يكرهها ويخاف أن تحدث له إذا لم يكن قد شاهد إحياء الموتى ، وتفسير الاطمئنان بالأمن يناسب ما في آية صلاة الخوف ، {فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة} الآية من سورة النساء ، وفي آية سورة البقرة : {فإذا أمنتم فاذكروا الله} الآية .
الاحتمال الثاني : ليسكن قلبي ويستريح عن تكرار النظر وتذكّر دلائل البعث إذا صار إحياء الموتى ضروريّاً لا يحتاج قلبي فيه إلى النظر ، وتفسير الاطمئنان بهذا يناسب الاطمئنان في حديث المسي ء صلاته ، نحو : ثمّ إركع حتّى تطمئن راكعاً .
فجعل الآية دليلاً على حدوث الشكّ والارتياب في قلب إبراهيم عليه السّلام نكارة في رواية الزهري .
ثمّ إنّها تلزمهم فيها نكارة اُخرى ، حيث جعل صاحب المقام المحمود الذي روى القوم في شفاعته تلك الروايات التي ذكروا فيها تعذّر الشفاعة من الأنبياء وقصورهم عنها إلّا محمّداًصلّى الله عليه و آله و سلّم وجعلوا سبب تعذّرها من إبراهيم عليه السّلام ما رموه به

صفحه از 229