الزهري: أحاديثه و سيرته - صفحه 155

من الكذبات الثلاث ـ بزعمهم ـ وحاشاه .
فكيف كان محمّدصلّى الله عليه و آله و سلّم أحقّ بالشكّ؟ وهو الذي سيكون أحقّ بالشفاعة من جميع الأنبياء عليهم السّلام ؟!
فهذه نكارة في رواية الزهري .
فأمّا تأويلهم لها بأنّ المعنى : نحن أحقّ بالشكّ من إبراهيم لو شكّ ، وعلى هذا فليس فيها إثبات الشكّ ، بل المعنى : لو شكّ إبراهيم لكنّا أحقّ بالشكّ منه ، لكنّه لم يشكّ فلسنا أحقّ بالشكّ .
فالجواب : أنّ هذا تأويل لا يستقيم ، إلّا بزيادة «لو» التي هي حرف امتناع لامتناعٍ ، لأنّها هي التي قلبت المعنى من الإثبات إلى النفي ، ومثل هذا لا يصحّ ، ولو صحّ ذلك لصحّ تقدير «ما» النافية قبل الحديث فيكون : ما نحن أحقّ بالشكّ ، وهذا تأويل تعسّف .
فإن قيل : ليس المراد [من] التأويل هذا ، وإنّما نعني إنّ إبراهيم لم يشكّ ، فقول رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم : نحن أحقّ بالشكّ ، لا يقتضي أنّه شكّ لجواز أن يكون الشكّ جائزاً على إبراهيم ، لكنّه غير واقع ، ويكون على محمّدصلّى الله عليه و آله و سلّم أجوز مع أنّه لم يشكّ أيضاً ، وليس في ذلك حاجة إلى تقدير «لو» .
فالجواب : أنّ هذا لا يصحّ أن يفسّر به : «نحن أحقّ» لأنّ معناه أنّ إبراهيم عليه السّلام كان حقيقاً بالشكّ ومحمّدصلّى الله عليه و آله و سلّم أحقّ منه ، إذا كان فعل التفضيل يقتضي المشاركة بين المفضّل والمفضّل عليه وزيادة للمفضّل ، وإلّا فهو يقتضي أنّ محمّداًصلّى الله عليه و آله و سلّم حقيق بالشكّ ، وهذا أكثر من نسبة جواز الشكّ إليه ، بل معناه : أنّه مظنّة للشكّ .
وحاشاهما ، بل كلاهما بعيد من الشكّ ، لا يجوز عليه ، لأجل العصمة ، فبطل التأويل ، وظهرت نكارة الروايات ، وقويت تهمة الزهري .

صفحه از 229