الزهري: أحاديثه و سيرته - صفحه 156

فصل

فأمّا رواية الزهري في قصّة الحديبية فأخرج البخاري ۱ من طريق الزهري روايته عن مروان بن الحكم والمسور عن عروة بن مسعود أنّه قال لرسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم : فإنّي ـ والله ـ لا أرى وجوهاً ، وإنّي لأرى أشواباً من الناس خليقاً أن يفرّوا عنك ويدعوك ، فقال له أبو بكر : امصص ببظر اللات ، أنحن نفرّ عنه ؟!
وفي هذا نكارة ، لأنّ أبا بكر لم يكن هو الحقيق بأن يجيب بهذا الجواب المبدوء بهمزة الإنكار ، إنّما يليق بمن قد عرفت منه البطولة والثبات في المواطن الشديدة ، أمّا أبو بكر فقد انهزم في خيبر وحنين ، فلا تليق به المبادرة بهذا الجواب ، بل غيره أحقّ به ، لو سلم من ذكر البظر ومصّه .
ووجه التهمة للزهري أنّه يحبّ تعظيم أبي بكر وعمر وتصويرهما وزيري رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم وكبيري الصحابة ، وأنّهما في ثبات وصلابة في الدين بحيث يفضلان سائر الصحابة ، وأنّهما خاصّة الخاصّة لرسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم ليتقرّر أنّهما أحقّ الناس بخلافته ، فهذه تهمة للزهري حيث جاء بالرواية المنكرة لينصر بها بدعته .
وأخرج البخاري في هذه الرواية : قال الزهري في حديثه : فجاء سهيل بن عمرو فقال : هات ، اكتب بيننا وبينكم كتاباً ، فدعا النبي صلّى الله عليه و آله و سلّم الكاتب فقال النبي صلّى الله عليه و آله و سلّم : اكتب «بسم الله الرحمن الرحيم» قال سهيل : أمّا الرحمن فوالله ما أدري ـ إلى قوله ـ : فقال المسلمون : لا نكتبها إلّا بسم الله الرحمن الرحيم ـ إلى قوله ـ : هذا ما قاضى عليه محمّد رسول الله ، فقال سهيل : والله ، لو كنّا نعلم إنّك رسول الله ما صددناك عن البيت .
وفي هذه الرواية تهمة بحذف ذكر علي عليه السّلام في هذا الموضع ، وهو مذكور في

1.صحيح البخاري ج۳ ص۱۷۹ .

صفحه از 229