الأوّل : أنّ ابن حجر قال في مقدّمة فتح الباري ۱ في ترجمة عكرمة : وأمّا قبوله لجوائز الاُمراء فليس ذلك بمانع من قبول روايته ، وهذا الزهري قد كان في ذلك أشهر من عكرمة .
الأمر الثاني : الروايات عن الزهري العديدة الدالّة بمجموعها على مخالطته لاُمراء الاُمويّة ، وهي مفرّقة مع روايات تجرّ إلى ذكر ذلك نحو ما أخرجه البخاري ۲ من النسخة المجرّدة عن الشروح بسنده إلى الزهري قال : قال لي الوليد ابن عبدالملك : أَبَلَغَك أنّ عليّاً كان في من قذف عائشة؟ قلت : لا ، ولكن قد أخبرني رجلان من قومك أبو سلمة بن عبدالرحمن ، وأبو بكر بن عبدالرحمن بن الحارث : أنّ عائشة (رض) قالت لهما : كان علي مسلِّماً في شأنها . انتهى .
وهذا دليل على انحراف الزهري وميله ، وأنّه أراد التقرّب إلى الوليد بهذه الرواية التي لم يُسأل عنها ، إنّما سئل عن القذف ، وقد كان يكفيه أن يقول : لا ، لم يبلغني .
وقال ابن حجر في تهذيب التهذيب في ترجمة الزهري ۳ وروى عنبسة عن يونس عن ابن شهاب قال : وفدت إلى مروان ، وأنا محتلم .
وفي ترجمته أيضاً ۴ : وقال سعيد بن عبدالعزيز ، سأل هشام بن عبدالملك الزهري أن يملي على بعض ولده فدعا بكاتب فأملى عليه أربعمائة حديث ، ثمّ إنّ هشاماً قال : إنّ ذلك الكتاب قد ضاع فدعا الكاتب فأملاها عليه . . . إلى آخره .
والغرض الإشارة إلى ما هو من هذا القبيل من الروايات الدالّة على مخالطة الزهري للاُمويّة فأمّا ترجمته في تهذيب التهذيب وغيره ففيها مدح كثير بالحفظ أو
1.فتح الباري ص۴۲۷ .
2.صحيح البخاري ج۵ ص۶۰ .
3.تهذيب التهذيب ج۹ ص۴۵۱ .
4.تهذيب التهذيب ج۹ ص۴۴۹ .