بالعلم وكثرة الحديث .
فأمّا المدح بالزهد أو الورع أو الفضل فلم نجد له شيئاً .
وقد وقعت كلمة مصحّفة في خلاصة تهذيب الكمال وهي للخزرجي ففيها عن مالك أنّه قال في الزهري : كان من أسخى الناس وتقيّاً ، ما له في الناس نظير . انتهى .
وهذه الكلمة مصحّفة والأصل : «وبقي ما له في الناس نظير» يعني في العلم ، والدليل على ذلك أنّ خلاصة التهذيب أصلها وأصل تهذيب التهذيب واحد ، وهو تهذيب الكمال ، لكنّ الخلاصة مختصرة ، وتهذيب التهذيب مبسوط ، وهذه الكلمة غير موجودة في تهذيب التهذيب ، مع أنّ لها أهميّة توجب ذكرها لو كانت موجودة في تهذيب الكمال ، لتوفّر داعي مؤلّف تهذيب التهذيب إلى الرفع من شأن الزهري ، لأنّه من أئمّته ، فلمّا لم يذكرها دلّ على أنّها غير موجودة في أصلها الذي هو تهذيب الكمال ، فدلّ ذلك على أنّ الأصل : «كان الزهري من أسخى الناس وبقي ما له في الناس نظير» .
يؤكّد ذلك أنّ ترجمة الزهري في كتاب الجرح والتعديل لابن أبي حاتم مبسوطة ، وفيها مدح له كثير بالعلم والحفظ وليس فيها تلك الكلمة ، بل فيها بسنده عن ابن القاسم قال : سمعت مالكاً يقول : بقي ابن شهاب وما له في الدنيا نظير .
فظهر أنّ كلمة الخلاصة فيها تصحيف (بقي) إلى (تقي) باختلاف النقط ۱ .
1.هذا ما حقّقه السيّد العلّامة الحوثيّ دام علاه ، وهو الحقّ .
والموجود في مطبوعة تهذيب الكمال (ج۲۶ ص۴۳۶) هو :
۱ ـ قول عمر بن عبد العزيز : لم يبق أحدٌ أعلم بسنّة ماضية منه .
۲ ـ عن مكحول : ما بقي على ظهرها أحد أعلم بسنّة ماضية من الزهري .
وفي (ص۴۴۰) عن مالك : كان ابن شهاب من أسخى الناس .
وليست لكلمة (تقياً) أثر في ترجمته هناك . مع أنّه الأصل لكتاب الخزرجي ، فلاحظ .