الزهري: أحاديثه و سيرته - صفحه 177

كما روى مسلم في أوّل صحيحه والخطيب في الكفاية ۱ بسنده عن ابن أبي الزناد عن أبيه قال : أدركت بالمدينة مائة ، كلّهم مأمون ما يؤخذ عنهم شي ء من الحديث ، يقال : ليس من أهله . انتهى .
وكان أبو الزناد في عهد الاُموية ، ومع ذلك كان الصلاح والدين فائقاً في أهل البيت وشيعتهم ، كما يعرف باستقراء التاريخ ، وكان المخالفون لهم في الغالب أقرب إلى السلطان وإلى الدنيا ، فكانوا مظنّة أن يجعلوا الصلاح غير مرجّح لقبول الرواية ، لأنّ أهل البيت وشيعتهم يروون خلاف مذهب القوم في الفضائل وغيرها ، ومنهم من هو مشهور بالفضل يعسر على القوم جرحه إلّا بأنّها أدركته غفلة الصالحين!
فاعرف هذا ولا تغترّ بقول ابن حبّان وأضرابه ، بل اتّهمهم في باب الجرح والتعديل ، فهم يميلون إلى تقوية مذهبهم بتعديل رجالهم وتضعيف خصومهم ، ومع ذلك عداوة المذهب ، فهي باعث على الجرح شديد ، وكذلك الحسد ، وكذلك الرغبة في إسعاد السلطان وموافقة هواه ، نسأل الله العصمة والتوفيق .
نعم ، وبمجموع ما ذكرناه في الزهري تتأكّد الروايات الدالّة على ميله إلى الدنيا وركونه إلى الذين ظلموا ، فصار متّهماً بمساعدتهم في الحديث بما ينفُق عند العامّة ولا يبطل ثقته عندهم .
وفي مسند أحمد بن حنبل ۲ حدّثنا عبدالله حدّثني أبي حدّثنا روح حدّثنا إسحاق حدّثنا عمرو بن دينار ، وحدّثنا عبدالرحمن بن مهدي حدّثنا سفيان عن أبي موسى عن وهب بن منبه عن ابن عبّاس عن النبي صلّى الله عليه و آله و سلّم قال : «من سكن البادية جفا ، ومن اتّبع الصيد غفل ، ومن أتى السلطان افتتن» انتهى .

1.الكفاية للخطيب ص۱۵۹ .

2.مسند أحمد ج۱ ص۳۵۷ .

صفحه از 229