وكذلك في اُصول الأحكام للإمام أحمد بن سليمان ، فقد جرح فيه في المسألة المذكورة .
وأمّا الشفا فهو أحاديث مرسلة ، وليس فيه ذكر لقبول رواية الزهري ، بل قد قدح مؤلّفه في الزهري ، كما حكاه علّامة العصر مجد الدين بن محمّد أيّده الله ، فيه حديث واحد ممّا مرّ ، تفرّد به الزهري ، كما يعرفه المطّلع على كتب الحديث المسندة . فإنّ الحديث يروى في كتب القوم من طرق مختلفة ، فإذا وجد حديث قد رواه الزهري مع أنّ غيره قد رواه فليس في إثباته دليل على اعتماد الزهري .
فلا يصحّ جعل وجدان حديث الزهري في بعض كتب أصحابنا دليلاً على اعتماده ، ما لم يكن ممّا انفرد به الزهري ، وظهر اعتماده لأجل روايته له ، لا لأجل موافقته لدليل آخر من الكتاب أو غيره وهذا لا يوجد .
وقد حقّق هذا علّامة العصر سيّدي مجد الدين بن محمّد المؤيّدي في كتابه لوامع الأنوار ۱ .
ويوضّح هذا أنّ بعض الحديث الذي روي في كتب المؤيّد بالله ، والإمام أحمد ابن سليمان ، والأمير الحسين ، والقاسم بن محمّد يكون قد رواه الزهري ، مع أنّ هؤلاء قد صرّحوا بجرحه كما مرّ .
فليس مجرّد الرواية لحديث قد رواه الزهري تعديلاً له ، وهذا واضح .
فإن قيل : إنّ بعض أصحابنا المتأخّرين يرون قبول رواية كافر التأويل وفاسقه ، فلعلّ بعضهم قبل حديث الزهري لهذا الأصل .
فالجواب : أنّ إسقاط رواية الزهري ليست لمجرّد كفره أو فسقه بموالاة جبابرة بني اُميّة ، بل لما مرّ من الأدلّة الخاصّة بالعلماء المخالطين للسلطان الدالّة على أنّهم متّهمون بنصرة سياسة الظلمة وخيانة الحقّ ميلاً إلى الدنيا واتّباعاً للهوى ،