كأنّه لم يحرص على تلك المنزلة الشريفة إلّا أبو هريرة ، أمّا غيره فكانوا فيها من الزاهدين لا يبالون حفظوا أم نسوا ، كأنّه سواء عندهم كلام رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم وغيره من الناس الذين ليس لكلامهم أهميّة توجب الحرص على سماعه وحفظه ، ليقول لهم : إنّه لن يبسط أحد منكم ثوبه حتّى أقضي مقالتي ، إلى آخر الحديث فيزهدون في تلك الفرصة ، ويمرّ على أسماعهم هذا الترغيب مرور طنين الذباب!!
بل ، هذا ممّا يستنكر من حديث الزهري .
الفائدة الثامنة :
في ذكر بعض ما يدلّ على أنّ عليّاًعليه السّلام هو أحقّ بأن يكون أعلم الصحابة بسنّة رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم وأنّه باب مدينة علمه .
وهذا البحث لو استكملته يستدعي إكماله ذكر ما يستوعب كتاباً خاصّاً في علي عليه السّلام وملازمته لرسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم وشدّة اتّصاله به حتّى توفّي صلّى الله عليه و آله و سلّم وفي اختصاص علي عليه السّلام بزيادة الحفظ والفهم ، ولو فعلنا ذلك لخرجنا عمّا نحن بصدده من بيان حال الزهري ، أو لعظم الكتاب حتّى يترك ، لميل الناس إلى المختصرات في هذا العصر ، ولكن نشير إلى اليسير تنبيهاً على الكثير ، ومن أراد الازدياد بحث .
أخرج الحاكم في المستدرك ۱ بسنده عن ابن عبّاس قال قال رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم : «أنا مدينة العلم وعليٌّ بابها فمن أراد المدينة فليأت الباب» .
قال الحاكم هذا حديث صحيح الإسناد أخرجه من طريقين ، واحتجّ لصحتّه .
وأخرجه وصحّحه عن جابر بن عبدالله قال : سمعت رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم يقول : «أنا مدينة العلم وعليٌّ بابها فمن أراد المدينة فليأت الباب» .
قال صاحب الروض النضير شرح مجموع زيد بن علي عليهما السّلام : وهذا قد نصّ على تصحيحه في الجملة أربعة أئمّة حفّاظ ، وهم : ابن معين في حديث ابن عبّاس ، والحاكم أبو عبدالله فيه أيضاً ، والإمام محمّد بن جرير في حديث علي عليه السّلام ، وأبو
1.مستدرك الحاكم ج۳ ص۱۲۶ .