انجاب الثقات في فحول الرواة - صفحه 343

مرّة اُخرى كذلك ، وفعل سلمان كذلك . ۱
أقول : ليس هذه الاُمور موضع التعجّب بالنسبة إلى سلمان حيث يكون من أهل البيت وإدراكه علم الأوّلين والآخرين .
وبالجملة : كتب الخاصّة والعامّة مملوّة من أوصافه ، ولا يحتاج إلى زيادة بسط .
واحتجاج سلمان على عمر بن الخطاب دليل على تصلُّبه في الشريعة في جواب كتاب كتبه إليه /116/ حين كان عامله على المدائن بعد حذيفة اليمان :
«بسم اللّه الرحمن الرحيم
من سلمان مولى رسول اللّه إلى عمر بن الخطاب ؛
أمّا بعد ، فإنّه أتاني منك كتاب ـ يا عمر ـ تؤنّبني فيه وتعيّرني وتذكر فيه أنّك بعثتني أميرا على أهل المدائن ، وأمرتني أن أقصّ أثر حذيفة وأستقصي أيّام أعماله وسيره ، ثمّ اُعلمك قبيحها وحسنها ، وقد نهاني اللّه عن ذلك ـ يا عمر ـ في محكم كتابه حيث قال جلّ وعلا : «يَـأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ اجْتَنِبُواْ كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَ لاَ تَجَسَّسُواْ وَ لاَ يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَ اتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ»۲ وما كنت لأعصي اللّه في أثر حذيفة واُطيعك .
وأمّا ما ذكرت أني أقبلت على سفّ الخوص ۳ وأكل الشعير ، فما هما ممّا يعيَّر به المؤمن ويؤنّب عليه ، وأيمُ اللّه يا عمر! لأكل الشعير وسفّ الخوص والاستغناء به عن رفيع المطعم والمشرب وعن غصب مؤمن [ حقّه ] /117/ وادعاء ما ليس له بحقّ ، أفضل وأحبّ إلى اللّه عز و جل وأقرب للتقوى ، ولقد رأيت رسول اللّه إذا أصاب الشعير أكله

1.نقله المصنف ـ طاب ثراه ـ بالمعنى ، وفي تتمة الحديث بعد ما نقل تعجّب أبيذر من فعل سلمان عنه أميرالمؤمنين عليه السلام فقال علي عليه السلام : يا أباذر ، إنّ سلمان لو حدّثك بما يعلم لقلت : رحم اللّه قاتل سلمان ! يا أباذر ، إنّ سلمان باب اللّه في الأرض ، من عرفه كان مؤمنا ، ومن أنكره كان كافرا ، وإن سلمان منّا أهل البيت .

2.سورة الحجرات ، الآية ۱۲ .

3.قال الخليل في العين ، ج ۷ ، ص ۲۰۱ : إسفاف الخوص : نسجه بعضا في بعض ، وكل شيء ينسج بالأصابع . وقال في ج۴ ، ص ۲۸۵ : الخوص : ورق النخل والمقل والنارجيل ونحوه .

صفحه از 403