انجاب الثقات في فحول الرواة - صفحه 400

والاجتهاد طريق العامة ، ووقع تخريب الشريعة ثانياً ، والأول : في السقيفة ، والثاني : في زمان قسّموا الأخبار إلى أربعة أقسام : الصحيح والحسن والموثق والضعيف ، بل لابدّ أخذ الأحكام من الكتب الأربعة وأخبارها قطعية الصدور وقطعية الدلالة أخذا مسلَّماً بدون التصرف والقيل والقال .
هذا قول هؤلاء الرجال ۱ وحدث في زماننا هذا جماعة نظيرهم يقولون : إنّ علم الحكمة موروثة من النصاري ، وعلم المنطق ساباط الكفر ، والنحو والصرف واللغة كتبها من العامّة ، وعلم الاُصول من أبي حنيفة ومن تبعه ، وعلم الفقه صار مسائله في هذا الزمان بديهياً سألوا من آبائكم واُمّهاتكم ومن مولى الكتاب ، وتكون تلك الجماعة أعداءً للفقهاء والحكماء والاُدباء ولكلّ مَن علم شيئاً من العلوم لعدم سنخيّتهم مع العلماء ، حتّى أنّهم غيّروا عمائمهم وتكون /193/ ذات ذؤابتين ؛ اللهم ادفع شرّهم عن الإسلام والمسلمين .
وبالجملة : كنت مريداً أنّ اُدوّن رسالةً شافيةً كافية في ما قلت ، في أوّلها رأيت عدم مساعدة الزمان وفقدان الأحبة والإخوان وتشتّت الخيال وتفرّق البال وكثرة الملال ووفور أصحاب القلقلة والقال وعدم اطلاع أحد عن الرواة والرجال :
كأن لم يكن بين الجحون إلى الصفاأنيس ولم يسمر بمكة سامر۲
مع رواج سوق الجهل والجهال حتى أنّي قنعت بعارية كتاب من هذا الفن ولو بعارية مضمونة لم يكن عند أحد منه أثر ولا خبر ۳ ، فليبكِ الباكون على موت العلماء والعلوم!
والشاهد على حالي شعر بالفارسية :

اگر نه سرنگون سار است اين طشتلبالب بودى از خون دل من۴
قنعت بذلك المقدار من تدوين تلك الرسالة .

1.في الهامش : والمناسب في هؤلاء الجماعة قول أبي العلاء إلى آخر كلامه ، وهو : إذا وصف الطائي بالبخل مادروقرع قسا بالفهاهة باقل وقال السها للشمس : أنت خفيةوقال الدجا للصبح : لونك حائل والمقصود أن في هذا الزمان جماعة من الطغام صاروا أعداءً للعلم والعلماء ، والطعن واللعن لايكون في حقهم فائدة ورئيسهم ومرؤوسهم جهلاء ، ولا أدري ما أقول لهؤلاء القوم الذين لا يكادون أن يفقهوا حديثا ! أقول : الأشعار لأبي العلاء المعري في سقط الزند ، ص ۵۳۳ . وكان الجدير بالمؤلف ـ طاب ثراه ـ أن يذكر البيتين اللذين بعدهما ؛ إذ فيهما النتيجة ، فقال : وفاخرت الأرض السماء سفاهةوكاثرت الشهب الحصا والجنادل فيا موت زر إن الحياة ذميمةويا نفس جدي إن دهرك هازل وانظر : شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ، ج۱۶ ، ص۱۳۶ .

2.الشعر من قصيدة طويلة ، وهي لعمرو بن الحارث بن مضاض بن عمرو كما في كنز الفوائد للكراجكي : ۱۰۶ وبعدها : بلى نحن كنّا أهلها فأبادناصروف الليالي والجدود العواثر ويمنعنا من كل فجّ نريدهأقب كسرحان الآن بات ضامر وكل لجوج في الجراء طمرهكعجزاء فتحاء الجناحين كاسر وانظر ما ذكره المؤلف والبيت الذي بعده في التبيان للشيخ الطوسي ، ج۴ ، ص ۴۷۲ـ۴۷۳ .

3.في الهامش : صار الجهل مشهودا ، والعلم كأن لم يكن شيئا مذكورا !

4.في الهامش : شعر خاقانى .

صفحه از 403