بلسان ذي عوج ومعيشتي ذات جرح .
ومضى بذلك المنوال ، وتغير حال إلى حال ، وصار مسقط رأسي كالسجن ، لا ناقتي فيها ولا جملي حتى صرت ابن سبع عشر أو أكثر ، تعرّقت راجلاً حافياً ، صفر الكفّ ، منفرداً ، عارياً من اللباس ، راضياً بقميص من الكرباس ، وأكثر الأوقات جائعاً ، وبكسرات قانعاً ، وكنت في الشتاء كالعين الحرباء والغز الجرباء ، وكنت بسّاماً بشّاشاً للتستّر عن الأغيار والتحفظ للاعتبار .
ومع وجود تلك الكيفيات كنت ملازماً في خدمة الحكماء الإلهيّين البارعين الكاملين والفقهاء العاملين الذين لم رأت عين الدهر /195/ مثلهم نظراء ، واُمّ الزمان عقيم أن تلد ولدين ۱ أن تشبه بهم .
هيهات لا يأتي الزمان بمثلهمإنّ الزمان بمثلهم لبخيل۲
كلّهم شموس الجلالة والنّبالة في العلم ، وأقمار الكمال والورع والحلم ، كلّ واحد منهم أوحدي الزمان وألمعي الدوران ، وما سمعت بأديب إلا تشرّفت بحضوره ، ولا أديب حتى جنيت من ثماره ، كلّهم حدائق بساتين الكمالات بهم ناضرة ، وعيون
1.في المخطوطة : تلدوا ولدان ، وفي العبارة اضطراب بيّن .
2.مثل مشهور قاله أبو تمام في مرثية محمد بن حميد كما في مختصر المعاني (ص ۳۰۳) . وقد مرّ ، إلا أنّه قد صرّف المؤلف قدس سره في الشعر بمقتضى المقام ، فغيّر ضمير المفرد في «بمثله» إلى ضمير الجمع «بمثلهم» في كلا المصرعين ، فالتفت .