البداية في علم الدراية - صفحه 108

في المسائل الفقهيّة . فلا بدّ من علم يبيّن أحوال الرواة من المدح والذمّ وما له دخل في قبول روايته وعدمه ؛ وهو علم الرجال . ومن علم يشرح ألفاظه ويبيّن حالاته من كونه نصّا أو ظاهرا ، عامّا أو خاصّا ، مطلقا أو مقيّدا ، مجملاً أو مبيّنا ، معارضا أو غير معارض ؛ وهو فقه الحديث . ومن علم يبيّن صحيح الطريق وضعيفه ، وسليم الإسناد وسقيمه ، وغيرها من حالات مختلفة تعرض لمتن الحديث وطرقه ليعرف المقبول منه والمردود ؛ وهو علم الدراية .

قال آية اللّه المرعشي النجفي :

إنّ من أشرف العلوم الإسلاميّة علم الدراية الذي هو بمنزلة المقدّمة لعلم الرجال ، وكلاهما من أهمّ علوم الحديث ، وعليهما تدور رحى استنباط الأحكام وردّ الفروع إلى الأُصول . ۱

وقال العلاّمة المامقاني :

كان علما الدراية والرجال من العلوم المتوقّف عليها الفقه والاجتهاد۲ .
ولكن لمّا كانت الشيعة في زمن الأئمّة عليهم السلام غير محتاجة إلى علم الدراية ـ لأنّهم مرتبطون بالأئمّة عليهم السلامومعتمدون على الاُصول المصنّفة ، وعندهم قرائن كانوا يعوّلون عليها ، وكانت القرائن لا تزال موجودة عند المتقدّمين من الأصحاب ـ لم يهتمّوا بهذا العلم ، ولم يدوّنوا أُصوله ولم يؤلّفوا فيه تأليفا .

قال السيّد المرتضى في جواب المسائل التبّانيّات :

إنّ اكثر أخبارنا المرويّة في كتبنا معلومة ، مقطوع على صحّتها إمّا بالتواتر من طريق الإشاعة والإذاعة ، أو بأمارة وعلامة دلّت على صحّتها وصدق رواتها ، فهي موجبة للعلم ، مقتضية للقطع وإن وجدناها مودعة في الكتب بسندٍ مخصوص معيّن من طريق الآحاد . ۳

1.شرح البداية : ۹ المقدّمة ، بتحقيق عبد الحسين محمّد علي البقّال .

2.مقباس الهداية ۱ : ۳۶ .

3.حكاه عنه في منتقى الجمان ۱ : ۲ ـ ۳ .

صفحه از 146