البداية في علم الدراية - صفحه 109

قال الشيخ حسن بن زين الدين ولد الشهيد الثاني في المنتقى بعد نقل كلام السيّد المرتضى :

وغير خافٍ أنّه لم يبقَ لنا سبيل إلى الاطّلاع على الجهات الّتي عرفوا منها ما ذكروا ؛ حيث حظوا بالعين وأصبح حظّنا الأثر ، وفازوا بالعيان وعوّضنا عنه بالخبر ، فلا جرم انسدّ عنّا باب الاعتماد على ما كانت لهم أبوابه مشرعة ، وضاقت علينا مذاهب كانت المسالك لهم فيها متّسعة . ولو لم يكن إلاّ انقطاع طريق الرواية عنّا من غير جهة الإجازة الّتي هي أدنى مراتبها لكفى به سببا لإباء الدراية على طالبها . ۱

وقال الشيخ الطوسي في العدّة :

إنّي وجدتها [ الفرقة المحقّة ] مجمعة على العمل بهذه الأخبار التي رووها في تصانيفهم ودوّنوها في أُصولهم ، لا يتناكرون ذلك ولا يتدافعونه ، حتى أنّ واحدا منهم إذا أفتى بشيءٍ لا يعرفونه سألوه : من أين قلت هذا؟ فإذا أحالهم على كتاب معروف أو أصل مشهور ، وكان راويه ثقة لا ينكر حديثه سكتوا وسلّموا الأمر في ذلك وقبلوا قوله . وهذه عادتهم وسجّيتُهم من عهد النبي صلى الله عليه و آلهومَن بعده من الأئمّة عليهم السلام، ومن زمن الصادق جعفر بن محمّد عليهماالسلامالذي انتشر العلم عنه وكثرت الرواية من جهته . ۲
وأمّا أهل السنّة والجماعة فلمّا كانوا يعتمدون على السنّه المحكيّة عن رسول اللّه صلى الله عليه و آلهاهتمّوا بضبطه وكتابته وتدوينه ؛ خوفا من ضياعه بعدما كان اعتمادهم أوّلاً على الحفظ والضبط في القلوب ؛ لأنّهم نهوا عن كتابة الحديث من قِبَل بعض الخلفاء . ۳
وقد أمر عمر بن عبد العزيز بكتابة حديث رسول اللّه صلى الله عليه و آله ؛ خوفا من دروس العلم وذهاب العلماء . ۴

1.منتقى الجمان ۱ : ۳ .

2.عدّة الأُصول ۱ : ۳۳۷ ـ ۳۳۸ .

3.كنز العمّال ۱۰ : ۲۹۱ ـ ۲۹۲ / ۲۹۴۷۲ ـ ۲۹۴۷۷ .

4.صحيح البخاري ۱ : ۴۹ باب ۳۴ من كتاب العلم .

صفحه از 146