البداية في علم الدراية - صفحه 131

وربما لم يُسقِط المدلِّسُ شَيْخَه لكن أسقَطَ من بَعدِه رجلاً ضعيفا أو صغيرَ السنِّ ؛ لِيَحْسُنَ الحديثُ بذلك .
وإمّا في الشُيوخِ ، بأن يروي عن شيخٍ حديثا سَمِعَه ، فيُسَمِّيه أو يُكَنِّيه أو يَنْسبُه أو يَصِفُه بما لا يُعرَف به ، كي لا يُعْرَفَ .
وأمْرُه أخفُّ ، لكن فيه تضييعٌ للمرويّ عنه ، وتوعيرٌ لطريقِ مَعْرفةِ حالِه .
والقسمُ الأوّلُ مذمومٌ جدّا .
وفي جَرحِ فاعله بذلك قولان ، والأجودُ : القبولُ إن صرّحَ بما يقتضي الاتّصالَ ، ك «حدّثنا» و«أخبرنا» ، دونَ المحتملِ ، بل حكمُه حكمُ المُرْسَلِ .
السادس : المضطَرِبُ ؛ وهو ما اختلف راويه فيه . وإنّما يتحقَّقُ الوصفُ مع تساوي الروايتين . أمّا لو ترجّحت إحداهما على الأُخرى بوجهٍ من وُجوهِه ، كأن يكون راويها أحْفَظَ ، أو أكثرَ صُحْبَةً للمرويّ عنه ، فالحكمُ للراجِح ، فلا يكون مُضْطرِبا .
ويَقَعُ في السندِ والمتنِ ؛ من راوٍ ورُواةٍ .
السابع : المَقْلوبُ ؛ وهو حديثٌ ورد بطريقٍ فيُروى بغيره أجودَ ، ليُرغَبَ فيه ، ونحوُه . وقد يقعُ ذلك مِن العلماءِ للامتحان .
الثامن : الموضوعُ ؛ وهو المكذوبُ المُخْتَلَقُ المَصنُوعُ ، وهو شرُّ أقسام الضَعيفِ ، ولا تحلّ روايتُه إلاّ مُبَيِّنا لِحالهِ . ويُعرفُ بإقرارِ واضعِه ، ورَكاكةِ ألفاظِه ، وبالوقوفِ على غَلَطِه .
والواضعونَ أصنافٌ ، أعظَمُهم ضررا من انتسب منهم إلى الزُهدِ ، فاحتَسَب بِوَضْعِه .
وَوَضَعَتِ الزَنادِقةُ والغُلاةُ جملةً ، ثمّ نَهَضَ جَهابِذَةُ النُقّاد بكشفِ عَوارِها ، ومَحْوِ عارِها .
وقد ذَهبتِ الكِرامِيَّة وبعضُ المُبتَدِعةِ إلى جَوازِ وَضْعِ الحديثِ للترغيبِ

صفحه از 146