البداية في علم الدراية - صفحه 133

البابُ الثاني : في مَن تُقبل روايتُه ، ومَن تُردّ

وبه يَحصل التمييزُ بين صحيحِ الروايةِ وضَعيفها . وجُوِّز ذلك وإن اشتملَ على القَدْحِ في المُسلمِ ؛ صيانةً للشريعةِ المُطهَّرةِ . نعم يَجبُ على المتكلِّم في ذلك التَثَبُّتُ ؛ لئلاّ يَقْدَحَ في غَيرِ مَجْروحٍ بما ظَنَّه جَرحا ؛ فقد أخطأ في ذلك غيرُ واحدٍ .
وقد كفانا السلفُ مُؤْونَةَ الجَرحِ والتعديل غالبا ، ولكن ينبغي للماهر تَدَبُّر ما ذكروه ، فلعلّه يَظْفَر بكثيرٍ ممّا أهْمَلوه ، ويَطَّلِع على تَوجيهٍ أغْفَلوه ، خصوصا مع تَعارُضِ الأخبار في الجَرْحِ والْمَدْحِ ؛ فإنّ طريقَ الجمعِ بينَهُما مُلْتَبِسٌ على كثيرٍ ، حَسَبَ اختلافِ طُرُقِهِ وأُصولِه .

وفي هذا الباب مسائل ثمان :

الأُولى : اتَّفَق أئمّةُ الحديثِ والأُصولِ على اشتراطِ إسلامِ الراوي ، وبُلوغِه ، وعَقلِه .
وجُمهورُهم على اشتراطِ عَدالَتهِ ـ بمعنى كونِه سليما من أسبابِ الفِسْقِ ، وخوارِمِ المُروءَةِ ـ وضَبْطِه ، بمعنى كونهِ حافظا متيقِّظا إن حدّث من حفظه ؛ ضابطا لكتابه إن حدّث منه ؛ عارفا بما يَخْتلُّ به المعنى إن روى به .

صفحه از 146