البداية في علم الدراية - صفحه 134

ولا يُشترط الذكورةُ ، ولا الحرّيةُ ، ولا العلمُ بفقهٍ وعربيّةٍ ، ولا البَصَرُ ، ولا العَدَدُ .
والمشهورُ بين أصحابنا اشتراطُ إيمانهِ مع ذلك ، قَطعوا به في كُتُب الأُصولِ وغيرِها ، مع عِلْمِهم بأخبارٍ ضعيفةٍ أو مُوثَّقَةٍ في أبوابِ الفقهِ ، مُعْتَذرِين عن ذلك بانجبار الضَعْفِ بالشهرةِ ونحوِها من الأسباب ، وقد تَقَدَّم .
وحينئذٍ ، فاللازمُ اشتراطُ أحَدِ الأمرَين ، من الإيمان والعَدالَةِ ، أو الانجبارِ بُمرَجِّحٍ ، لا إطلاق اشتراطِهما .
الثانية : تُعرفُ العدالةُ بِتَنْصيصِ عَدْلَين عليها ، أو بالاستفاضةِ .
وفي الاكتفاء بتزكيةِ الواحدِ في الرواية قولٌ مشهورٌ ، كما يُكتفى به في أصلِ الروايةِ .
ويُعرفُ ضبطُه بأن تُعتَبَرَ روايتُه بروايةِ الثِقات المعروفين بالضَبطِ والإتقانِ ، فإن وافَقَهم غالبا عُرِفَ كونُه ضابطا ثَبْتا ، وإن وُجِدَ كثيرَ المخالفةِ لهم عُرِفَ اختلالُه .
الثالثة : التعديلُ مقبولٌ من غَيرِ ذكرِ سَبَبِه ، على المشهورِ ؛ لأنّ أسبابَه كثيرةٌ يَصعُبُ ذكرُها .
وأمّا الجرحُ فلا يُقبَلُ إلاّ مُفسَّرا مُبيَّنَ السَبَبِ ؛ لاختلاف الناسِ في ما يُوجِبُه .
نعم ، لو عُلِمَ اتّفاقُ مَذْهَبِ الجارحِ والمُعْتَبِر في الأسبابِ ، اتّجه الاكتفاءُ بالإطلاقِ كالعَدالَةِ .
وما أطْلَقَه الجارِحونَ في كُتُبِهم من غَيرِ بيان سَبَبِه وإن لم يَقْتَضِ الجَرْحَ ، لكن نُوجِبُ الرِيبةَ القَوِيَّةَ المُفْضِيَةَ إلى تركِ الحديثِ إلى أن تَثْبُتَ العَدالةُ ، أو يَتَبَيَّنَ سببُ زَوالِ مُوجِبِ الجَرْحِ .
الرابعة : يثبت الجرحُ في الرُواةِ بقولٍ واحدٍ ، كتعديلِه ، على الأشهرِ ؛ لأنّ العدَدَ لم يُشْتَرط في قبولِ الخَبَرِ ، فَلَم يُشْترط في وَصْفِه .
ولو اجتَمع في واحدٍ جرحٌ وتعديلٌ ، فالجرحُ مقدّمٌ وإن تعَدَّد المعدِّلُ ، على الأصحِّ ؛ لأنّ المعدِّلَ مُخبِرٌ عمّا ظهر مِن حالِه ، والجارحُ يُخْبِر عن باطِنٍ خفيٍّ

صفحه از 146