الرعاية لحال البداية في علم الدراية - صفحه 158

(و قد يَحتمل) الخبر (الأمرين) : الصدق والكذب ، لا بالنظر إلى ذاته ؛ إذ جميع الأخبار يحتملهما كذلك ، (كأكثر الأخبار) ؛ فإنّ الموافق منها للقسمين الأوّلين قليل .
(و ينقسم) الخبر (مطلقا) أعمّ من المعلوم صدقه وعدمه (إلى : مُتواتر) وآحاد .

[الخبر المتواتر]

(و) الأوّل : (هو ما بلغت رُواته في الكثرة مبلغا أحالت العادة تواطؤهم) أي اتّفاقهم (على الكذب ، واستمرّ ذلك) الوصف (في) جميع (الطبقات حيث تَعدَّدُ) بأن يرويه قوم عن قوم ، وهكذا إلى الأوّل ، (فيكون أوّله) في هذا الوصف (كآخره ، ووسطه كطرفيه) ؛ ليحصل الوصف ، وهو استحالة التواطؤ على الكذب ؛ للكثرة في جميع الطبقات المتعدّدة .
و بهذا ينتفي التواتر عن كثير من الأخبار التي قد بلغت رواتُها في زماننا ذلك الحدّ ، لكن لم يتّفق ذلك في غيره خصوصا في الابتداء ، وظَنَّ كونَها متواترة مَنْ لم يتفطّن لهذا الشرط .
(و لا ينحصر ذلك في عدد خاصّ) على الأصحّ ، بل المعتبر العدد المحصِّل للوصف ؛ فقد يحصل في بعض المُخبِرين بعشرة وأقلّ ، وقد لا يحصل بمائة ؛ بسبب قربهم إلى وصف الصدق وعدمه .
و قد خالف في ذلك قوم ، فاعتبروا اثني عشر ؛ عدد النقباء ۱ ، أو عشرين ؛ لآية العشرين الصابرين ۲ ، أو السبعين ؛ لاختيار موسى عليه السلام لهم ۳ ؛ ليحصل العلم بخبرهم إذا رجعوا ، أو ثلاثمائة وثلاثة عشر ؛ عدد أهل بدر ۴ .

1.لقوله تعالى في سورة المائدة (۵) : ۱۲ : «وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَىْ عَشَرَ نَقِيبًا» .

2.وهي قوله تعالى في سورة الأنفال (۸) : ۶۶ : «إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَـبِرُونَ يَغْلِبُواْ مِاْئَتَيْنِ» .

3.وهي قوله تعالى في سورة الأعراف (۷) : ۱۵۶ : «وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِّمِيقَـتِنَا» .

4.ذكر هذه الأقوال وغيرها الفخر الرازي في المحصول ۲ : ۱۳۲ ـ ۱۳۳ . وذكر أكثرها السيوطي في تدريب الراوي ۲ : ۱۷۷ .

صفحه از 295