الرعاية لحال البداية في علم الدراية - صفحه 159

و لا يخفى ما في هذه الاختلافات من فنون الجزافات ، وأيّ ارتباط لهذا العدد بالمراد؟! وما الذي أخرجه عن نظائره ممّا ذكر في القرآن من ضروب الأعداد؟!
(و شرط) حصول (العلم به) أي بالخبر المتواتر :
(انتفاؤه) أي انتفاء العلم المستفاد منه (اضطرارا عن السامع) ؛ لاستحالة تحصيل الحاصل ، وتحصيل التقوية أيضا محال ؛ لأنّ العلم يستحيل أن يكون أقوى ممّا كان .
(و أن لا تسبق شُبهةٌ إلى السامع ، أو تقليدٌ يُنافي موجب خبره) بأن يكون معتقدا نفيه .
و هذا شرط اختصّ به السيّد المرتضى رحمه الله ۱ ، وتبعه عليه جماعة من المحقّقين ۲ ، وهو جيّد في موضعه .
و احتجّ عليه : بأنّ حصول العلم عقيب الخبر المتواتر إذا كان بالعادة جاز أن يختلف ذلك باختلاف الأحوال ، فيحصل للسامع إذا لم يكن قد اعتقد نقيض ذلك الحكم قبل ذلك ، ولا يحصل إذا اعتقد ذلك .
و بهذا الشرط يحصل الجواب لمن خالف الإسلام من الفِرَق إذا ادّعى عدم بلوغه التواتُر بدعوى نبيّنا صلى الله عليه و آله وسلم النبوّة ، وظهور المعجزات على يده موافقة لدعواه ؛ فإنّ المانع لحصول العلم لهم بذلك ـ دون المسلمين ـ سبْق الشُبهة إلى نفيه .
و لولا الشرط المذكور لم يتحقّق جوابُنا لهم عن غير معجزة القرآن .
و بهذا أجاب السيّد عن نفي مَنْ خالف تواتر النصّ على إمامة عليّ عليه السلام ، حيث إنّهم اعتقدوا نفي النصّ لشُبهة ۳ .
(و استنادُ المخبرين إلى إحساس) بأن يكون المخبَر عنه محسوسا بالبصر أو غيره من الحواسّ الخمس .
فلو كان مستَنده العقل ـ كحدوث العالم ، وصدق الأنبياء ـ لم يحصل لنا العلم .

1.الذريعة إلى أُصول الشريعة ۲ : ۴۹۱ .

2.كالشيخ الطوسي في العدّة ۱ : ۲۵۳ ـ ۲۵۴ ؛ والعلاّمة في مبادئ الوصول إلى علم الأُصول : ۲۰۰ .

3.الذريعة إلى أُصول الشريعة ۲ : ۴۹۱ ـ ۴۹۲ .

صفحه از 295