الرعاية لحال البداية في علم الدراية - صفحه 160

(و هو) أي التواتر (متحقّق في أُصول الشرايع) ـ كوجوب الصلاة اليوميّة ، وأعداد ركعاتها ، والزكاة ، والحج ـ تحقّقا (كثيرا) . وفي الحقيقة مرجع إثبات تواترها إلى المعنوي لا اللفظي ؛ إذ الكلام في الأخبار الدالّة عليه ، كغيرها .
(و قليل) تحقّقه (في الأحاديث الخاصّة) المنقولة بألفاظ مخصوصة ؛ لعدم اتّفاق الطرفين والوسط فيها (و إنْ تواتر مدلولها) في بعض الموارد ، كالأخبار الدالّة على شجاعة عليّ عليه السلام ، وكرم حاتم ، ونظائرهما ؛ فإنّ كلّ فرد خاصّ من تلك الأخبار الدالّة على أنّ عليّا عليه السلام قتل فلانا وفَعَل كذا ، غير مُتواتر ، وكذا الأخبار الدالّة على أنّ حاتما أعطى الفرس الفلانيّة والجمل والرُمح وغيرها ، إلاّ أنّ القدر المشترك بينها مُتواتر ، تدلّ عليه تلك الجزئيّات المتعدّدة آحادا ؛ بالتضمّن .
و على هذا يُنزّل ما ادّعى المرتضى ومَنْ تبعه تواترَه من الأخبار الدالّة على النصّ وغيره ؛ إذ لا شبهة في أنّ كلّ واحد من تلك الأخبار آحاد . وقد أومأ إلى ذلك في مسائله التبّانيّات ۱ .
و لم نتحقّق إلى الآن خبرا خاصّا بلغ حدّ التواتُر إلاّ ما سيأتي ، (حتّى قيل) ـ والقائل ابن الصلاح ۲ ـ : (من سُئِلَ عن إبراز مثالٍ لذلك أعياه طلبه) ، هذا مع كثرة رواتهم قديما وحديثا ، وانتشارهم في أقطار الأرض ، قال : (و حديث : «إنّما الأعمال بالنيّات» ۳ ليس منه) أي من المتواتر (و إن نقله) الآن (عدد التواتُر وأكثر) ؛ فإنّ جميع علماء الإسلام ورُواة الحديث الآن يروونه ، وهم يزيدون عن عدد التواتر أضعافا مُضاعفة ؛ (لأنّ ذلك) التواتُر المدّعى قد (طرأ في وسط إسناده) إلى الآن ، دون أوّله ۴ ، فقد انفرد به جماعة مترتّبون ، أو شاركهم مَنْ لا يخرج بهم عن الآحاد .

1.رسائل الشريف المرتضى ۱ : الرسالة الأُولى .

2.هو أبو عمرو عثمان بن عبد الرحمان بن الصلاح الشهرزوري المتوفّى سنة (۶۴۳) .

3.تهذيب الأحكام ۱ : ۸۳ / ۲۱۸ ؛ الأمالي للطوسي : ۶۱۸ / ۱۲۷۴ المجلس ۲۹ ؛ صحيح البخاري ۱ : ۳ / ۱ ؛ صحيح مسلم ۳ : ۱۵۱۵ ـ ۱۵۱۶ / ۱۹۰۷ كتاب الإمارة باب ۴۵ ؛ سنن أبي داود ۲ : ۲۶۲ / ۲۲۰۱ ؛ سنن ابن ماجة ۲ : ۱۴۱۳ / ۴۲۲۷ .

4.مقدّمة ابن الصلاح : ۱۶۲ . وحكاه عنه الطيّبي في الخلاصة في أُصول الحديث : ۳۵ .

صفحه از 295