الرعاية لحال البداية في علم الدراية - صفحه 161

(و أكثر ما ادّعي تواتره من هذا القبيل) ؛ يَنظر مدّعي التواتُر إلى تحقّقه في زمانه ، أو هو وما قبله ، من غير استقصاء جميع الأزمنة ، ولو أنصف لوجد الأغلب خُلُوّ أوّل الأمر منه ، بل ربما صار الحديث الموضوع ابتداءً ؛ متواترا بعد ذلك ، لكن شرط التواتر مفقود من جهة الابتداء .
و نازع بعض المتأخّرين في ذلك ، وادّعى وجود المتواتر بكثرة ۱ ، وهو غريب .
(نعم ، حديث : «مَنْ كذب عليَّ معتمِّدا فليتبوّأ مقعده من النار» ۲ ) يمكن ادّعاء تواتُره ؛ فقد (نقله) عن النبيّ صلى الله عليه و آله وسلم(من الصحابة الجمّ الغفير) أي الجمع الكثير ، (قيل :) الرواة منهم له (أربعون ۳ . وقيل : نَيّف) بفتح النون وتشديد الياء مكسورة ، وقد تخفّف : ما زاد على العقد إلى أن يبلغ العقد الآخر ، والمراد هنا اثنان (و ستّون) صحابيّا۴ ، (و لم يزل العدد) الراوي لهذا الحديث (في ازدياد) . وظاهرٌ أنّ التواتُر يتحقّق بهذا العدد ، بل بما دونه .

[خبر الواحد وأقسامه]

(و آحادٍ ؛ وهو ما لم ينتهِ إلى التواتر منه) أي من الخبر ، سواء كان الراوي واحدا ، أم أكثر .
(ثمّ هو) أي الخبر الواحد : (مُسْتَفيضٌ إن زادت رواته عن ثلاثة) في كلّ مرتبة (أو) زادت عن (اثنين) عند بعضهم . مأخوذ من فاض الماءُ يَفيض فيضا . (و يقال له : المشهور أيضا) حين تزيد رواته عن ثلاثة أو اثنين سُمّي بذلك لوضوحه .

1.حكاه عن شيخ الإسلام السيوطي في تدريب الراوي ۲ : ۱۷۸ ـ ۱۷۹ .

2.الكافي ۱:۶۲/۱ باب اختلاف الحديث؛ من لا يحضره الفقيه ۴:۲۶۴/۸۲۴؛ صحيح البخاري ۱:۵۲ـ۵۳/۱۰۷ـ ۱۱۰؛ صحيح مسلم ۱ : ۹ ـ ۱۰ / ۱ المقدّمة باب ۲ .

3.القائل هو أبو بكر البزّار ، حكاه عنه ابن الصلاح في مقدّمته : ۱۶۲ ؛ والطيّبي في الخلاصة في أُصول الحديث : ۳۵ .

4.حكاه عن بعض الحفّاظ ابن الصلاح في مقدّمته : ۱۶۲ ؛ والطيّبي في الخلاصة في أُصول الحديث : ۳۵ .

صفحه از 295