الرعاية لحال البداية في علم الدراية - صفحه 175

الخبر الضعيف لأمرٍ ما رأوه في ذلك ـ لعلّ اللّه تعالى يعذرهم فيه ـ فحسبوا العملَ به مشهورا ، وجعلوا هذه الشهرةَ جابرةً لضعفه .
ولو تأمّل المنصفُ وحرّرَ المنقِّبُ لوجدَ مرجعَ ذلك كلّه إلى الشيخ ، ومثلُ هذه الشهرة لا تكفي في جَبْر الخبر الضعيف .
و من هُنا يظهر الفرقُ بينَه وبينَ ثبوت فتوى المخالفين بإخبار أصحابهم ؛ فإنّهم كانوا منتشرينَ في أقطار الأرض من أوّل زمانهم ، ولم يزالوا في ازْديادٍ .
و ممّن اطّلع على أصل هذه القاعدة التي بيّنتُها وحقّقتُها ونقّبتها من غير تقليد : الشيخُ الفاضلُ المحقّق سديدُ الدين محمودُ الحِمّصي ، والسيّدُ رضيّ الدين بنُ طاووس ، وجماعةٌ .
قال السيّد رحمه اللهفي كتاب البهجة لثمرة المهجة : «أخبرني جدّي الصالح ورّام بنُ أبي فراس ـ قدّس اللّه سرّه ـ : أنّ الحمصي حدّثه : أنّه لم يبق للإماميّة مُفْتٍ على التحقيق ، بل كلّهم حاكٍ» .
و قال السيّد عقيبَه : «و الآنَ فقد ظهرَ أنَّ الذي يُفتى به ويُجاب عنه على سبيل ما حُفِظَ من كلام العلماء المتقدّمين» . ۱ انتهى .
و قد كشفتُ لك بذلك بعض الحال ، وبقي الباقي في الخيال ، وإنّما ينبّه بهذا المقال مَنْ عرفَ الرجالَ بالحقّ ، ويُنكره من عَرَف الحقّ بالرجال .
(و جوّز الأكثرُ العملَ به) أي بالخبر الضعيف (في نحو القصص والمواعظ وفضائل الأعمال ، لا في) نحو صفات اللّهِ المتعال و(أحكام الحلال والحرام .
و هو حسنٌ حيثُ لا يبلغ الضعفُ حدَّ الوضع) والاختلاق ؛ لِما اشتهر بينَ العلماء المحقّقين من التساهُل بأدلّة السنن ، وليس في المواعظ والقصص غيرُ مَحْضِ الخير ، ولِما ورد عن النبيّ صلى الله عليه و آله وسلم ـ من طريق الخاصّة والعامّة ـ أنّه قال : «مَنْ بَلَغهُ عن اللّه تعالى فضيلةٌ فأخَذَها وعَمِلَ بها فيها إيمانا باللّه ورجاءَ ثوابِه ، أعطاهُ اللّهُ تعالى ذلك وإن

1.كشف المحجّة لثمرة المُهجة : ۱۸۵ الفصل الثالث والأربعون والمائة .

صفحه از 295