الرعاية لحال البداية في علم الدراية - صفحه 188

الموصول (كما يقدّم الجرحُ على التعديل) عندَ تعارُضهما ۱ .
(و فيه) أي في هذا الدليل : (مَنْعُ الملازمة) بين تقديم الجرح على التعديل وتقديم الإرسال على الوَصْل ، (معَ وُجود الفارِقِ) بينَهما ؛ (فإنّ الجرح) إنّما (قُدِّم) على التعديل (بِسَبب زيادةِ العلم) من الجارح على المعدِّل ؛ لأنّه بُنيَ على الظاهر ، واطّلع الجارحُ على ما لم يطّلع عليه المُعدِّلُ .
(و هي) أي زيادة العلم التي أوجبتْ تقديمَ الجارِح (هُنا) أي في صورة تعارُض الإرسال والوَصْل (مع مَنْ وَصَل) لا مَعَ مَنْ أرسَلَ ؛ لأنّ مَنْ وَصَلَ اطّلعَ على أنَّ الراويَ للحديثِ فلانٌ عن فلان ... إلخ ، ومَنْ أرسَلَ لم يطّلع على ذلك كلّه ؛ فتَرَكَ بعضَ السَنَد لجهله به ، وذلك يقتضي ترجيحَ مَنْ وَصَلَ على مَنْ أرسَلَ ، كما يُقدَّمُ الجارحُ على المُعدِّل بِقَلْب الدليلِ .
(و خامس عشرها : المُخْتَلفُ) وَصْفُهُ بالاختلاف نظرا إلى صنفه لا إلى شخصه ؛ فإنّ الحديثَ الواحد نفسَه ليس بمختلف ، إنّما هو مخالِفٌ لغيره ممّا قد أدّى معناه ، كما ينبّه عليه قوله : (و هو أنْ يُوجَدَ حديثانِ متضادّانِ في المعنى ظاهرا) .
قُيّد به ؛ لأنّ الاختلافَ قد يُمكن معه الجمعُ بينَهما ، فيكون الاختلافُ ظاهرا خاصّةً ؛ وقد لا يُمكن ، فيكونُ ظاهرا وباطنا ، وعلى التقديرين فالاختلافُ ظاهرا متحقّقٌ .
(و حكمُه) أي حكم الحديث المختلف (الجمعُ بينَهما حيثُ يُمكن) الجمعُ (ولو بوجهٍ بعيدٍ) يُوجب تخصيصَ العامّ منهما ، أو تقييدَ مطلَقه ، أو حملهُ على خلاف ظاهره .
(كحديث : «لا عَدْوَى» ۲ ، وحديث : «لا يورِدُ) ـ بكسر الراء ـ (مُمْرِضٌ)

1.لاحظ الخلاصة في أُصول الحديث : ۵۸ .

2.صحيح البخاري ۵ : ۲۱۶۱ / ۵۳۸۷ و۲۱۷۷ / ۵۴۳۷ ، صحيح مسلم ۴ : ۱۷۴۲ ـ ۱۷۴۳ / ۲۲۲۰ كتاب السلام باب ۳۳ . والحديث بلفظ البخاري هكذا : إنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله قال : «لا عدوى ولا صَفَرَ ولا هامَةَ» ، فقال أعرابي : يا رسول اللّه ، فما بالُ إبلي تكون في الرسل كأنّها الظباء ، فيأتي البعيرُ الأجرب فيدخل بينها فيُجرِبُها؟! فقال : «فَمَن أعدى الأوّل؟!» .

صفحه از 295