الرعاية لحال البداية في علم الدراية - صفحه 192

(و قد صنّف فيه جماعة من العلماء) ، قيل : أوّل من صَنَّفَ فيه النَضْر بن شُميْل ۱ ، وقيل : أبو عُبَيْدَة مَعْمَر بن المثنّى ۲ ، وبعدهما أبو عبَيْد القاسمُ بن سَلام ، ثمّ ابنُ قُتيبة ، ثمّ الخَطّابيّ ؛ فهذه أُمّهاته . ثمّ تبعهم غيرُهم بزوائد وفوائد ، كابن الأثير فإنّه بلغَ بنهايته النهايةَ ، ثمّ الزمخشريّ ففاق في الفائق كلَّ غاية ۳ ، و الهروي فزاد في غَريبيه غريبَ القرآن مع الحديث . وغير من ذُكِرَ من العُلماء (شكَر اللّه تعالى سعيَهم .
و ثامن عشرها : المقبولُ ؛ وهو ما) أي الحديث الذي (تلقّوْه بالقَبُول ، والعملِ بالمضمون) «اللامُ» عوضٌ عن المضاف إليه ؛ أي : مضمونه ، (من غير التفات إلى صحّته وعدمها) ، وبهذا الاعتبار دَخلَ هذا النوعُ في القسم المشترك بين الصحيح وغيره .
و يمكنُ جعلُه من أنواع الضعيف ؛ لأنّ الصحيحَ مقبولٌ مطلقا إلاّ لعارضٍ ، بخلاف الضعيف فإنّ منه المقبول وغيره .
و ممّا يرجِّحُ دخولَه في القسم الأوّل : أنّه يشملُ الحَسَن والموثَّقَ عندَ مَنْ لا يعملُ بهما مطلقا ؛ فقد يعملُ بالمقبول منهما ـ حيثُ يعملُ بالمقبول من الضعيف ـ بطريق أولى ، فيكون حينئذٍ من القسم العامّ وإن لم يشمل الصحيح ؛ إذ ليس ثَمَّ قسمٌ ثالثٌ .
و المقبول (كحديث عُمَر بن حَنْظلة في حال المُتخاصمين) من أصحابنا ، وأمرهما بالرجوع إلى رجلٍ منهم قد روى حديثَهم ، وعرفَ أحكامَهم ... ۴ إلخ .
و إنّما وَسَمُوه بالمقبول ؛ لأنّ في طريقه محمّد بن عيسى ، وداود بن الحصين ، وهما ضعيفان . وعُمَر بن حَنْظلة لم ينصَّ الأصحابُ فيه بجرحٍ ولا تعديلٍ ، لكن أمره عندي سَهْلٌ ؛ لأنّي حَقّقتُ توثيقَه من محلٍّ آخر ، وإنْ كانوا قد أهملوه ۵ .

1.القائل هو الحاكم النيسابوري في معرفة علوم الحديث : ۸۸ .

2.نسبه إلى القيل أيضا ابن الأثير في نهايته ۱ : ۵ .

3.لاحظ الخلاصة في أُصول الحديث : ۶۲ . وللمزيد راجع تدريب الراوي ۲ : ۱۸۵ .

4.الكافي ۱ : ۶۷ / ۱۰ باب اختلاف الحديث ؛ من لا يحضره الفقيه ۳ : ۵ / ۱۸ ؛ تهذيب الأحكام ۶ : ۳۰۱ / ۸۴۵ .

5.قال الحسن ابن المصنّف ـ رحمهما اللّه ـ في منتقى الجمان ۱ : ۱۹ : «و من عجيب ما اتّفق لوالدي رحمه اللهفي هذا الباب أنّه قال في شرح بداية الدراية : أنّ عمر بن حنظلة لم ينصّ الأصحاب عليه بتعديل ولا جرحٍ . ولكنّه حقّق توثيقه من محلّ آخر . ووجدتُ بخطّه رحمه اللهفي بعض مفردات فوائده ما صورته : عمر بن حنظلة غير مذكور بجرح ولا تعديل ، ولكنّ الأقوى عندي أنّه ثقة ؛ لقول الصادق عليه السلام في حديث الوقت : ?إذا لا يكذب عليناû . والحال أنّ الحديث الذي أشار إليه ضعيف الطريق ، فتعلّقه به في هذا الحكم مع ما علم من انفراده به ، غريب . ولولا الوقوف على الكلام الأخير لم يختلج في الخاطر أنّ الاعتماد في ذلك على هذه الحجّة» .

صفحه از 295