الرعاية لحال البداية في علم الدراية - صفحه 196

(الثالث : المُرْسَلُ ؛ وهو ما رواه عن المعصوم من لم يُدْرِكه) ، والمرادُ بالإدراك هُنا : التلاقي في ذلك الحديث المحدَّث عنه ؛ بأنْ رواه عنه بواسطة وإنْ أدركه ، بمعنى اجتماعه معه ونحوه .
و بهذا المعنى يتحقّق إرسال الصحابي عن النبيّ صلى الله عليه و آله وسلم بأنْ يرويَ الحديثَ عنه صلى الله عليه و آله وسلمبواسطة صحابي آخر ، سواء كان الراوي تابعيّا أم غيره ، صغيرا أم كبيرا ؛ وسواء كان الساقطُ واحدا أم أكثر ؛ وسواء رواه (بغير واسطة) بأن قال التابعي : قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلممثلاً ، (أو بواسطةٍ نَسِيَها) بأن صرّحَ بذلك ، (أو تَرَكَها) مع علمه بها ، (أو أبْهَمَها) كقوله : «عن رجل» أو : «عن بعض أصحابنا» ونحو ذلك .
هذا هو المعنى العامّ للمرسل المتعارف عند أصحابنا .
(و قد يُخَصّ المرسَل بإسناد التابعي إلى النبيّ صلى الله عليه و آله وسلم من غير ذكر الواسطة) كقول سعيد بن المسيّب : «قال رسولُ اللّه صلى الله عليه و آله وسلم كذا» ، وهذا هو المعنى الأشهر له عند الجمهور ۱ .
و قيّده بعضُهم بما إذا كان التابعيّ المُرْسِلُ كبيرا كابن المسيّب ۲ ؛ وإلاّ فهو مُنْقَطعٌ .
و اختار جماعة منهم معناه العامّ الذي ذكرناه ۳ .
(و يُطلق عليه) أي على المرسَل : (المنقطعُ والمقطوع) أيضا (بإسقاط شخص واحد) من إسناده ، (و المعْضَل) بفتح الضاد المعجمة (بإسقاط أكثر) من واحد . قيل : إنّه مأخوذٌ من قولهم : «أمر عَضيل» أي مستغلق شديد ۴ . ومثاله : ما يرويه تابعيُّ التابعي

1.راجع فتح المغيث للسخاوي ۱ : ۱۵۶ ؛ دار الإمام الطبري .

2.مقدّمة ابن الصلاح : ۴۸ ؛ الخلاصة في أُصول الحديث : ۶۴ .

3.نسبه كلٌّ من ابن الصلاح في مقدّمته : ۴۸ ؛ والطيّبي في الخلاصة في أُصول الحديث : ۶۴ ؛ والسخاوي في فتح المغيث ۱ : ۱۵۸ إلى أبي بكر الخطيب البغدادي .

4.في حاشية المخطوطة : «القائل ابن الصلاح بعد اعترافه بأنّ أخذه مشكل من اللغة . (منه رحمه الله) . و قال في مقدّمة ابن الصلاح : ۵۲ : «و أصحاب الحديث يقولون : أعضله فهو معضَل ـ بفتح الضاد ـ وهو اصطلاح مشكل المأخذ من حيث اللغة . وبحثتُ فوجدتُ له قولهم : أمرٌ عضيل ، أي مستغلق شديد . ولا التفات في ذلك إلى معضِل ـ بكسر الضاد ـ وإن كان مثل عضيل في المعنى» .

صفحه از 295