الرعاية لحال البداية في علم الدراية - صفحه 197

أو مَنْ دونَه قائلاً فيه : «قالَ رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم» .
(و) المرسَلُ (ليس بحجّة مطلقا) سواء أرسلَه الصحابي أم غيره ؛ وسواء أُسقِطَ منه واحدٌ أم أكثر ؛ وسواء كانَ المُرْسِلُ جليلاً أم لا ، (في الأصحّ) من الأقوال للأُصوليّين والمحدّثين ؛ وذلك للجهل بحال المحذوف ، فيُحتمل كونُه ضعيفا ، ويزداد الاحتمالُ بزيادة الساقط فيقوى احتمالُ الضعف ، ومجرّد روايته عنه ليس تعديلاً بل أعمّ .
(إلاّ أنْ يُعلم تَحرُّز مُرسِلِه عن الرواية عن غير الثقة) ، كابن أبي عُمير من أصحابنا على ما ذكره كثير منهم ، وسعيد بن المسيّب عند الشافعي ۱ ، فيُقبلُ مرسَلُه ، ويصيرُ في قوّة المُسْنَد .
(و في تحقُّق هذا المعنى) وهو العلم بكون المرسِل لا يروي إلاّ عن الثقة (نَظَرٌ) ؛ لأنّ مستنَد العلم : إن كانَ هو الاستقراء لمراسيله بحيث يجدون المحذوف ثقةً ، فهذا في معنى الإسناد ولا بحثَ فيه .
و إنْ كان لِحُسن الظنّ به في أنّه لا يُرسِل إلاّ عن ثقةٍ ، فهو غيرُ كافٍ شرعا في الاعتماد عليه ، ومعَ ذلك غير مختصّ بمن يخصّونه به .
و إنْ كان استنادُه إلى إخباره بأنّه لا يُرسِلُ إلاّ عن الثقة ، فمرجعُه إلى شهادته بعدالة الراوي المجهول ، وسيأتي ما فيه . وعلى تقدير قبوله فالاعتمادُ على التعديل .
و ظاهر كلام الأصحاب في قبول مراسيل ابن أبي عُمير هو المعنى الأوّل ، ودون إثباته خَرط القَتاد . وقد نازعهم صاحبُ البُشْرى ۲ في ذلك ، ومَنَعَ تلك الدعوى .
و أمّا الشافعيّة فاعتذروا عن مراسيل ابن المسيّب بأنّهم وجدُوها مسانيدَ من وُجوه أُخر .

1.حكاه عنه الفخر الرازي في المحصول ۲ : ۲۲۸ ؛ وابن الصلاح في مقدّمته : ۴۹ ؛ والطيّبي في الخلاصة في أُصول الحديث :۶۵ . وانظر فتح المغيث ۱ : ۱۷۰ .

2.لقد فُقد هذا الكتاب ولم يصل إلينا .

صفحه از 295