الرعاية لحال البداية في علم الدراية - صفحه 198

و أجابوا عمّا أُورد عليهم ـ من أنّ الاعتماد حينئذٍ يقع على المُسْنَد دونَ المرسل فيقعُ لغوا ـ : بأنّه بالمسند تبيّن صحّة الإسناد الذي فيه الإرسال حتّى يُحكم له مع إرساله بأنّه إسنادٌ صحيحٌ تقومُ به الحجّةُ ۱ .
و تظهر الفائدةُ في صيرورتهما دليلَيْن يرجَّح بهما عند مُعارضة دليلٍ واحد .
و نبّه ب «الأصحّ» على خلاف جماعة من الجمهور ۲ ، حيث قبلوا المرسَل مطلقا إذا كان مُرْسِلُه ثقةً . ونقله الرازيّ في المحصول ۳ عن الأكثرين ، مُحتجّين : بأنّ الفرعَ لا يجوزُ له أن يُخبر عن المعصوم عليه السلامإلاّ وله صحّة الإخبار عنه ، وإنّما يكونُ كذلك إذا ظنَّ العدالة .
و بأنّ علّة التثبّت هو الفسقُ ، وهي مُنتفيةٌ ، فيجب القبول .
و بأنّ المسند جاز أن يكون مُرسلاً ، فإنّه يُحتمل أنْ يكون بين فلان وفلان رواةٌ لم تُذكر ، فلا يُقبل إلاّ أن يستفصل .
و أُجيب : بأنّه ليس حَمْلُ إخباره عنه صلى الله عليه و آله وسلمعلى أنّه قال ، أولى من حمله على أنّه سمع أنّه قال ، وإذا احتُمل الأمران لم يظهر حَملُه على أحدهما .
و انتفاءُ علّة التثبّت موقوف على ثُبوت العدالة .
و قول الراوي : «عن فلان» يقتضي بظاهره الروايةَ عنه بغير واسطة ، وقد نُوزِعَ في ذلك وادُّعي أنّ مثله غير متّصل ، لكنّ الظاهرَ خلافُه ۴ .
(و) طريق ما (يُعْلم) به (الإرسالُ) في الحديث أمران : جليّ ، وخفيّ :
فالأوّل (بعدم التلاقي) من الراوي والمرويّ عنه ، إمّا لكونه لم يُدرك عصره ، أو أدركه لكن لم يجتمعا ، وليست له منه إجازة ولا وجادة ؛ (و من ثَمَّ احتيجَ إلى التاريخ) ؛ لتضمّنه تحرير مواليد الرواة ، ووفياتهم ، وأوقات طلبهم ، وارتحالهم .

1.ذكر الإيراد والجواب عنه في مقدّمة ابن الصلاح : ۴۹ ؛ وللمزيد راجع فتح المغيث للسخاوي ۱ : ۱۷۰ ـ ۱۷۳ .

2.في حاشية المخطوطة : «أبو حنيفة ومالك وجمهور المعتزلة . (منه رحمه الله)» .

3.المحصول ۲ : ۲۲۴ . والكفاية للخطيب البغدادي : ۳۸۴ .

4.لاحظ المحصول ۲ : ۲۲۴ ـ ۲۲۸ .

صفحه از 295