الرعاية لحال البداية في علم الدراية - صفحه 199

وقد افتضحَ أقوامٌ ادّعوا الروايةَ عن شُيوخٍ ظَهَرَ بالتاريخ كِذْبُ دعواهم .
(و) الثاني : أن يُعبّر في الرواية عن المرويّ عنه (بصيغةٍ تحتمل اللقاء وعدمَه ، مع عدمه) أي عدم اللقاء ، (ك «عن) فلان» (و «قال) فلان كذا» ؛ فإنّهما وإن استُعملا في حالة يكون قد حدّثه يحتملان كونَه حدّث غيره ، فإذا ظَهَرَ بالتنقيب كونُه غيرَ راوٍ عنه تبيّن الإرسالُ . (و هو ضرب من التدليس) ، وسيأتي .
(الرابع : المعلَّلُ) ، ومعرفته من أجلّ علوم الحديث وأدقّها ؛ (و هو ما فيه أسبابٌ خفيّةٌ غامضةٌ قادحةٌ) فيه في نفس الأمر ، (و ظاهرُه السلامة) منها بل الصحّة .
(وإنّما يتمكّن من معرفة ذلك أهلُ الخبرة) بطريقِ الحديث ، ومُتونه ، ومراتب الرواة (الضابطة) لذلك ، (و) أهلُ (الفهم الثاقِب) في ذلك .
(و يُستعان على إدراكها) أي العلل المذكورة : (بتفرّد الراوي) بذلك الطريق ، أو المتن الذي تظهر عليه قرائن العلّة .
(و بمخالفة غيره له) في ذلك (مع) انضمام (قرائنَ تنبّه العارفَ على) تلك العلّة : من (إرسالٍ في الموصول ، أو وقفٍ في المرفوع ، أو دخول حديث في حديث ، أو وهمِ واهمٍ ، أو غير ذلك) من الأسباب المُعلّة للحديث (بحيث يغلب على الظنّ ذلك) ولا يبلغ اليقينَ ، وإلاّ لحقه حكم ما تيقّن من إرسالٍ أو غيره (فيحكمُ به ، أو يتردّدُ) في ثبوت تلك العلّة من غير ترجيحٍ يُوجب الظنَّ (فيتوقّفُ) .
و هذه العلّة عند الجمهور مانعةٌ من صحّة الحديث على تقدير كون ظاهره الصحّة لولا ذلك . ومن ثَمَّ شرطوا في تعريف الصحيح سلامتَه من العلّة ۱ .
و أمّا أصحابُنا فلم يشترطوا السلامَة منها ، وحينئذٍ فقد ينقسمُ الصحيحُ إلى معلّل وغيره ۲ ، وإنْ رُدَّ المعلّل كما يُردّ الصحيحُ الشاذّ .

1.كما في الخلاصة في أُصول الحديث : ۳۹ .

2.في حاشية المخطوطة : «قلت : هذا منافٍ لعدّ المعلّل في أقسام ما يختصّ من الأوصاف بالحديث الضعيف . (لابنه رحمه الله)» .

صفحه از 295