الرعاية لحال البداية في علم الدراية - صفحه 200

و بعضُهم وافَقنا على هذا أيضا ۱ والاختلاف في مجرّد الاصطلاح .
و اعلم أنّ هذه العلّة توجدُ في كتاب التهذيب متنا وإسنادا بكثرة ، والتعرّض إلى تمثيلها يخرج إلى التطويل المنافي لغرض الرسالة .
(الخامس : المُدَلَّس) ـ بفتح اللام ـ واشتقاقه من «الدَلَس» بالتحريك ؛ وهو اختلاط الظلام ، سُمّي بذلك لاشتراكهما في الخفاء ؛ حيثُ إنّ الراويَ لم يصرّح بمَنْ حدّثه ، وأَوْهَمَ سماعه للحديث ممّن لم يُحدِّثه ، كما يَظْهَرُ من قوله : (و هو ما أُخفيَ عيبُه :
إمّا في الإسناد ، وهو أن يرويَ عمّن لقيَه أو عاصرَه ما لم يَسْمعه منه على وجهٍ يُوهم أنّه سمعه منه .
و من حقّه) أي حقّ المدلِّس وشأنه بحيثُ يصيرُ مُدلِّسا لا كذّابا (أنْ لا يقول : «حدّثنا» ولا : «أخبرنا» ، وما أشبهَهما) ؛ لأنّه كِذْبٌ ، (بل يقول : «قال فلان» أو : «عن فلان» ، ونحوه) ك : «حدّث فلان» و«أخبرَ» حتّى يُوهم أنّه أخبره ، والعبارةُ أعمُّ من ذلك فلا يكونُ كاذبا .
(و ربّما لم يُسقِط المدلّس شيخه) الذي أخبرَه ، ولا يُوقع التدليس في ابتداء السَنَد (لكن أسقَط مِنْ بَعْدِه رجلاً ضعيفا أو صغيرَ السنّ ليُحسِّنَ الحديثَ بذلك) .
و هذان النوعان تدليسٌ في الإسناد .
(و أمّا) التدليسُ (في الشيوخ) لا في نفس الإسناد ، فذلك : (بأن يَرويَ عن شيخٍ حديثا سمعه) منه ، ولكن لا يُحبُّ معرفةَ ذلك الشيخ لغَرَضٍ من الأغراض (فيُسمّيه أو يُكنّيه) باسمٍ أو كُنيةٍ غيرَ معروفٍ بهما ، (أو يَنْسبُه) إلى بلدٍ أو قبيلةٍ غيرَ معروفٍ بهما ، (أو يَصِفُه بما لا يُعرفُ به كي لا يُعرفَ .
و أمرهُ) أي أمر القسم الثاني من التدليس (أخَفُّ) ضررا من الأوّل ؛ لأنّ ذلك الشيخَ مَعَ الإغْراب به ، إمّا أن يُعرفَ ، فيترتّب عليه ما يلزمه من ثقةٍ أو ضعفٍ ،

1.حكاه عن الخطّابي : السيوطي في تدريب الراوي ۱ : ۶۴ .

صفحه از 295