الرعاية لحال البداية في علم الدراية - صفحه 202

و مرجعُ هذا التفصيل إلى أنّ التدليسَ غيرُ قادحٍ في العدالة ، ولكن تحصلُ الرِيبةُ في إسناده لأجل الوصف ، فلا يُحكم باتّصال سَنَده إلاّ مع إتيانه بلفظ لا يحتمِل التدليسَ ، بخلاف غيره فإنّه يُحكم على سنده بالاتّصال عملاً بالظاهر حيثُ لا مُعارض له .
و اعلم أنّ عدمَ اللقاءِ الموجِب للتدليس يُعلَم بإخباره عن نفسه بذلك ، وبجزم عالمٍ مطّلعٍ عليه . ولا يكفي أن يقع في بعض الطرق زيادةُ راوٍ بينهما ؛ لاحتمال أن يكونَ من المزيد ؛ ولا يُحكم في هذه الصورة بحكمٍ كلّي ؛ لتعارض الاتّصال والانقطاع .
(السادس : المُضْطَرِبُ) من الحديث ؛ (و هو ما اختلفَ راويه) المرادُ به الجنسُ ، فيشمل الراوي الواحدَ والأزيدَ ، (فيه) أي في الحديث : متنا ، أو إسنادا ؛ فيروي مرّةً على وجهٍ ، وأُخرى على وجهٍ آخرَ مخالفٍ له .
(و إنّما يتحقّقُ الوصف) بالاضطراب (معَ تساوي الروايتين) المختلفتين في الصحّة وغيرها بحيث لم تَتَرجَّح إحداهما على الأُخرى ببعض المرجّحات .
(أمّا لو ترجَّحتْ إحداهما على الأُخرى بوجهٍ من وجوهه ـ كأنْ يكونَ راويها أحْفَظ) أو أضْبَطَ (أو أكثَر صُحبة للمرويّ عنه) ونحو ذلك من وجوه الترجيح ـ (فالحكمُ للراجح) من الأمرين أو الأُمور (فلا يكونُ مُضْطَربا) .
(و يقعُ) الاضطرابُ (في السند) بأن يرويه الراوي تارةً : عن أبيه عن جدّه مثلاً ، وتارةً : عن جدّه بلا واسطة ، وثالثة : عن ثالث غيرهما ۱ ، كما اتّفق ذلك في رواية أمر

1.في حاشية المخطوطة : «قلت : هذا الكلام منظورٌ فيه ؛ فإنّ ابن العراقي ذكر في شرح الألفيّة وجه الاضطراب في هذا الحديث ، وأسبق في الطرق المقتضية لاضطرابه ، وليس في شيء منها : الرواية عن أبيه عن جدّه تارة ، وعن جدّه بغير واسطة تارة أُخرى ، وعن غيرهما ثالثة . وأمّا محصّل الواقع فيه جعل المرويّ عنه تارة أبا الراوي وأُخرى جدّه مع تشخيص الاسم الدائر بين الوصفين وتعيينه . وفي بعض الطرق المتضمّنة لذكر الجدّ تصريح بأنّه جدّ الأب على خلاف ما في الطريق الآخر حيث جعل فيه أبا الأب ، وفي بعضها جعل الراوي ابنا للمرويّ عنه ، ثمّ ذكر في الرواية أنّه جدّه ، وهذا أسهل ؛ لأنّه قد ينسب الابن إلى الجدّ ، أو يشترك الأب والجدّ في الاسم . و من جملة وجوه الاختلاف : ذكر نسب المرويّ عنه ؛ فتارة قيل : إنّه ابن سليم ، وأُخرى : ابن سليمان ، وفي طريق ثالث الاقتصار على اسمه ووصفه بأنّه رجل من بني عذرة . وقد علّل العلاّمة ضعف المضطرب بأنّه مشعرٌ بعدم ضبط من رواه . ولا يخفى أنّ ذلك متّجه في المثال الذي ذكروه ، ولم يقع مثله في أخبارنا . ولو أُريد بيان حكمه في الجملة احتيج في تعريفه وتصويره إلى قيود زائدة على ما ذكره الوالد قدس سره ؛ إذ تحقّق الضعيف بدون ذلك القدر محلّ نظرٍ وتأمّل . فليتأمّل . (نقل من خطّ ابن المصنّف الشيخ حسن ، رحمهما اللّه تعالى)» .

صفحه از 295