الرعاية لحال البداية في علم الدراية - صفحه 214

في الرواية كذلك ، فإنّه لا يقبلُ روايتَهم مطلقا ، وقَبِلَ شهادتَهم للضرورة صيانةً للحقوق ؛ إذ أكثرُ معاملاتِهم لا يحضرُها مسلِمانِ .
(وبلوغه) عند أدائها ، كذلك .
(وعقله) فلا تقبل رواية الصبيّ والمجنون مطلقا ؛ لارتفاع القَلَم عنهماالخصال : 94 / 40 باب الثلاثة : «القلم رفع عن ثلاثة : عن الصبي حتّى يحتلم ، وعن المجنون حتّى يفيق ، وعن النائم حتّى يستيقظ» . الموجب لعدم المؤاخذة ، المقتضي لعدم التحفّظ من ارتكاب الكذب على تقدير تمييزه ، ومع عدمه لا عِبْرةَ بقوله .
(وجمهورهُم على اشتراط عدالته) ؛ لما تقدّم من الأمر بالتثبّت عندَ خبرِ الفاسق ، فصارَ عدمُ الفسق شرطا لقبول الرواية ، ومع الجهل بالشرط يتحقّق الجهلُ بالمشروط ، فيجب الحكم بنفيه حتّى يُعلم وجود انتفاء التثبُّت . كذا استدلّوا عليه .
وفيه نظر ؛ لأنّ مقتضى الآية كون الفسق مانعا من قبول الرواية ، فإذا جُهِلَ حالُ الراوي لا يصحُّ الحكمُ عليه بالفسق ، فلا يجبُ التثبُّت عند خبره بمقتضى مفهوم الشرط .
ولا نسلّم أنّ الشرطَ عدمُ الفسق ، بل المانعُ ظهورُه ، فلا يجبُ العلمُ بانتفائه حيثُ يُجهل . والأصل عدمُ الفسق في المسلم ، وصحّة قوله .
وهذا بعضُ آراء شيخِنا أبي جعفر الطوسي ؛ فإنّه كثيرا ما يقبل خبر غير العدل ، ولا يبيّنُ سببَ ذلك .
ومذهبُ أبي حنيفة قبولُ رواية المجهول الحال ؛ محتجّا بنحو ذلك ، وبقبول قوله في تذكية اللحم وطهارة الماء ورِقّ الجارية ۱ .
والفرقُ بينَ ما ذُكر وبينَ الرواية واضحٌ .
وليس المراد من العدالة كونه تاركا لجميع المعاصي ، بل (بمعنى كونه سليما من

1.فتح المغيث ۲ : ۵۱ ـ ۵۶ ؛ وعزاه في مقدّمة ابن الصلاح : ۵۳ إلى بعض الشافعيّين منهم سُلَيْم بن أيّوب الرازي ؛ وحكاه عن بعض أهل العراق الغزالي في المستصفى من علم الأُصول : ۱۲۵ وذكر أدلّته في صفحة ۱۲۶ .

صفحه از 295