الرعاية لحال البداية في علم الدراية - صفحه 215

أسباب الفسق) التي هي فعل الكبائر ، أو الإصرار على الصغائر ، (وخوارم المروءة) وهي الاتّصاف بما يحسنُ التحلّي به عادةً ، بحسَب زمانه ومكانه وشأنه ، فعلاً وتركا ، على وجهٍ يصير ذلك له ملكةً .
وإنّما لم يصرّح باعتبارها ؛ لأنّ السلامة من الأسباب المذكورة لا تتحقّق إلاّ بالملكة ، فأغنى عن اعتبارها .
(وضبطِه) لما يرويه ؛ (بمعنى كونه حافظا) له ، (متيقّظا) غير مُغَفَّل (إنْ حدَّث من حفظه ، ضابطا لكتابه) حافظا له من الغَلَط والتصحيف والتحريف (إنْ حدَّث منه ، عارفا بما يختلُّ به المعني إن روى به) ؛ أي بالمعني ، حيث نُجوّزُه .
وفي الحقيقة : اعتبارُ العدالة يُغني عن هذا ؛ لأنّ العدل لا يُجازف برواية ما ليس بمضبوطٍ على الوجه المعتبر ، وتخصيصُه تأكيدٌ أو جَرْيٌ على العادة .
(ولا يُشْتَرط) في الراوي (الذكورةُ) ؛ لأصالة عدم اشتراطها ، وإطباق السلف والخلف على الرواية عن المرأة ، (ولا الحرّيّة) فتُقبل روايةُ العبد ، ولقبول شهادتهما في الجملة ، فالرواية أولى .
(ولا العلم بفقهٍ وعربيّةٍ)؛ لأنّ الغَرَضَ منه الروايةُ لا الدرايةُ، وهي تتحقّق بدونهما.
ولعموم قوله صلى الله عليه و آله : «نَضَّرَ اللّه امرأً سَمعَ مقالتي فوعاها وأدّاها كما سمعها ، فربَّ حامل فقهٍ ليس بفقيه» ۱ .
ولكن ينبغي مؤكّدا معرفتُه بالعربيّة ؛ حذرا من اللحن والتصحيف . وقد روي عنهم عليهم السلامأنّهم قالوا : «أعربوا كلامَنا فإنّا قومٌ فُصَحاء» ۲ ، وهو يشمل إعراب القَلَم واللسان .
وقال بعضُ العلماء : «جاءتْ هذه الأحاديثُ عن الأصْل مُعْرَبةً» ۳ .

1.سنن أبي داود ۳ : ۳۲۲ / ۳۶۶۰ ؛ سنن ابن ماجة ۱ : ۸۴ / ۲۳۰ ؛ سنن الدارمي ۱ : ۷۵ باب الاقتداء بالعلماء .

2.الكافي ۱ : ۵۲ / ۱۳ باب رواية الكتب والحديث . وفيه «حديثنا» بدل «كلامنا» .

3.حكاه عن النضر بن شميل : السخاوي في فتح المغيث ۲ : ۲۲۴ .

صفحه از 295