الرعاية لحال البداية في علم الدراية - صفحه 216

وعن آخر : «أخوَفُ ما أخافُ على طالب الحديث إذا لم يَعرف النحو أن يَدْخُلَ في جُملة قول النبيّ صلى الله عليه و آله : «من كَذبَ عليَّ متعمّدا فليتبوّأ مقعده من النار» ۱ ؛ لأنّه صلى الله عليه و آلهلم يكن يَلْحَن ، فمهما روي عنه حديثا ولحنَ فيه فقد كذبَ عليه ۲ .
والمعتبر حينئذٍ أن يعلم قدرا يَسْلَم معه من اللحن والتحريف .
(و) كذا (لا) يُعتبر فيه (البَصَرُ) ؛ فتصحّ رواية الأعمى ، وقد وُجِدَ ذلك في السلف والخلف .
(ولا العدد) بناءً على اعتبار خبر الواحد . وعلى عدم اعتباره لا يعتبر في المقبول منه عددٌ خاصّ ، بل ما يحصل به العلم ؛ فالعدد غير معتبر في الجملة مطلقا .
وهل يعتبر مع ذلك أمر آخر ومذهبٌ خاصّ ، أم لا يُعتبر ؛ فتُقبل روايةُ جميع فرق المسلمين وإن كانوا أهلَ بدعةٍ؟ أقوال :
أحدها : أنّه لا تُقبل رواية المبتدع مطلقا ؛ لفسقه وإن كان بتأوُّلٍ ، كما استوى في الكفر المتأوَّل وغيره .
والثاني : إن لم يستحلّ الكذب لنُصرة مذهبه قُبِلَ ، وإن استحلّه ـ كالخطابيّة من غُلاة الشيعة ـ لم يُقبل .
والثالث : إن كان داعيةً لمذهبه لم يُقبل ؛ لأنّه مظنّة التُهمة بترويج مذهبه ، وإلاّ قُبِلَ . وعليه أكثر الجمهور ۳
(و) الرابع وهو (المشهورُ بينَ أصحابنا : اشتراط إيمانه مع ذلك) المذكور من الشروط ؛ بمعنى كونه إماميّا ، (قطعوا به في كتب الأُصول) الفقهيّة (وغيرها) ؛ لأنّ من عداه عندهم فاسق وإن تأوّلَ ـ كما تقدّم ـ فيتناولُه الدليلُ .
هذا (مع عملهم بأخبار ضعيفة) بسبب فساد عقيدة الراوي (أو موثّقة) مع فساد

1.تقدّم تخريجه .

2.حكاه عن الأصمعي : الطيّبي في الخلاصة في أُصول الحديث : ۱۱۷ ؛ والسيوطي في تدريب الراوي ۲ : ۱۰۶ .

3.ذكر هذه الأقوال الطيّبي في الخلاصة في أُصول الحديث : ۹۱ ؛ والسخاوي في فتح المغيث ۲ : ۵۹ وما بعدها .

صفحه از 295