الرعاية لحال البداية في علم الدراية - صفحه 222

و(لو عَلِمَ به) لَما وثّقه .
و أصالة عدم الجارح مع ظُهور تزكيته غيرُ كافٍ في هذا المقام ؛ إذ لابُدّ من البحث عن حال الرواة على وجهٍ يظهر به أحدُ الأُمور الثلاثة : من الجرح ، أو التعديل ، أو تعارضهما حيث يمكن ، بل إضرابه عن تسميته مريبٌ في القلوب .
(نعم ، يكون ذلك) القولُ (منه تزكيةً) للمرويّ عنه (حيثُ يقصدُها) بقوله : «حدّثني الثقة» ؛ إذ قد يقصد به مجرّد الإخبار من غير تعديل ، فإنّه قد يتجوّز في مثل هذه الألفاظ في غير مجلس الشهادة .
و هل يُنزّل الإطلاقُ على التزكية ، أم لابُدّ من استعلامه؟ وجهان ، أجودُهما تنزيله على ظاهره من عدم مُجازفة الثقة في مثل ذلك .
و على تقدير تصريحه بقصد التزكية ، أو حمل الإطلاق عليها (ينفع) قولُه (مع ظهور عدم المعارض) . وإنّما يتحقّق ظهوره مع تعيينه بعد ذلك والبحث عن حاله ، وإلاّ فالاحتمال قائمٌ كما مرّ .
و ذهب بعضهم إلى الاكتفاء بذلك ما لم يظهر المعارِض أو الخلاف ۱ . وقد ظهر ضعفُه .
و مثله : ما لو قال : «كلّ مَنْ رويتُ عنه فهو ثقة وإنْ لم اُسمِّه» ثمّ روى عمّن لم يسمِّه ، فإنّه يكونُ مزكّيا له ، غيرَ أنّا لا نعمل بتزكيته هذه ؛ لما قرّرناه .
و قول العالم : «هذه الرواية صحيحة» في قوّة الشهادة بتعديل رواتها ؛ فأولى بعدم الاكتفاء بذلك .
(ولو روى العدلُ عن رجل سمّاه ، لم تُجعل روايته عنه تعديلاً له على) القول (الأصحّ) بطريق أولى ؛ لأنّه يجوز أن يرويَ عن غير عدلٍ ، وقد وقعَ من أكثر الأكابر من الرواة والمصنّفين ذلك ، خلافا لشذوذ من المحدّثين ؛ ذهبوا إلى اقتضاء ذلك التعديل ۲ .

1.اُنظر مقدّمة ابن الصلاح : ۸۸ ؛ فتح المغيث ۲ : ۳۶ ـ ۳۷ ؛ تدريب الراوي ۱ : ۳۱۰ ـ ۳۱۱ .

2.حكاه عن ابن المنير في الكفيل السخاوي في فتح المغيث ۲ : ۴۰ .

صفحه از 295