الرعاية لحال البداية في علم الدراية - صفحه 224

و قد يتّفق في بعض الرواة أن يكرّر في تزكيتهم لفظة «الثقة» ۱ ، وهو يدلّ على زيادة المدح .
و كذلك قوله : هو (حُجّةٌ) أي ممّا يُحتجّ بحديثه . وفي إطلاق اسم المصدر عليه مبالغةٌ ظاهرةٌ في الثناء عليه بالثقة .
و الاحتجاجُ بالحديث وإنْ كانَ أعمَّ من الصحيح ـ كما يتّفق بالحسن والموثّق بل بالضعيف على ما سبق تفصيلُه ـ لكنّ الاستعمالَ العرفي لأهل هذا الشأن لهذه اللفظة يدلّ على ما هو أخصّ من ذلك ؛ وهو التعديل وزيادة .
نعم ، لو قيل : «يُحتجُّ بحديثه» ونحوه ، لم يدلّ على التعديل ؛ لما ذكرناه . بخلاف إطلاق هذه اللفظة على نفس الراوي بدلالة العُرف الخاصّ .
و كذا قوله : هو (صحيحُ الحديث) فإنّه يقتضي كونه ثقةً ضابطا ؛ ففيه زيادةُ تزكية .
(و ما أدّى معناه) من الألفاظ الدالّة على التعديل .
(أمّا) قولُه : (مُتقِنٌ ، ثَبْتٌ ، حافِظٌ) ، ضابطٌ ، (يُحتجُّ بحديثه ، صَدُوقٌ) مبالغة في «صادق» ، (مَحلُّه الصدق) بالخبريّة أو الإضافة على التوسّع ، (يُكْتَبُ حديثُه ، يُنظر فيه) أي في حديثه ؛ بمعنى أنّه لا يطرح بل يُنظر فيه ويُختبر حتّى يُعرف حاله ، فلعلّه يُقبل .
(لا بأس به) ؛ بمعنى أنّه ليس بظاهر الضعف . وقد اتّفق هذا الوصف لجماعة ؛ منهم : أحمد بن أبي عوف البخاري ، وابنه محمّد . وذكرهما العلاّمة في قسم مَنْ يُعتمد على روايته . (شيخٌ ، جليلٌ ، صالحُ الحديث ، مشكورٌ ، خَيّرٌ) .
(فاضلٌ) اتّفق هذا الوصفُ لجماعة ؛ كإبراهيم بن أبي الكرّام ، وإلياس الصيرفي ،

1.في حاشية المخطوطة : «قلت : ذكر جماعة من أهل اللغة منهم ابن دريد في الجمهرة أنّ من جملة الإتْباع قولهم : ‎ثقة ثقةû . وعلى هذا يحتمل أن يكون ما وقع فيه الجمع بين هاتين الكلمتين جرى على طريق الإتباع لا التكرير ، ثمّ صحّف فاعتقد أنّه مكرر . وأوّل من جزم فيه بالتكرير ابن داود في كتابه ، وكلام السابقين عليه خالٍ من التعرّض لبيان المراد منه . (لابنه رحمه الله)» .

صفحه از 295