الرعاية لحال البداية في علم الدراية - صفحه 234

و هو) أي السَماع من الشيخِ (أرْفَعُ الطُرقِ) الواقعةِ في التحمّلِ (عند جُمهورِ المحدّثين) ؛ لأنّ الشيخَ أعرفُ بوجوه ضبط الحديثِ وتأديته .
و لأنّه خليفةُ رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم وسفيرُه إلى أُمّته ، والآخدُ منه كالآخد منه .
و لأنّ النبيَّ صلى الله عليه و آله وسلم أخبر الناس أوّلاً وأسمَعهم ما جاء به ، والتقريرُ على ما جرى بحضرته صلى الله عليه و آله وسلم أولى .
و لأنّ السامعَ أربطُ جأشا وأوعى قلبا ، وشغل القلبِ وتوزّع الفكر إلى القارئ أسرعُ .
و في صحيحة عبد اللّه بن سنان قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : يجيؤني القومُ فيسمعون منّي حديثكم فأضجر ولا أقوى . قال : «فاقرأ عليهم من أوّله حديثا ، ومن وسطه حديثا ، ومن آخره حديثا» ۱ .
فعدولُه عليه السلام إلى قراءةِ هذه الأحاديثِ مع العجزِ ، يدلُّ على أولويّته على قراءة الراوي ، وإلاّ لأمر بها .
(فيقول) الراوي بالسَماع من الشيخ في حالة كونه (راويا لغيره) ذلك المسموعَ : («سمعت) فلانا ...» إلخ .
(وهي) أي هذه العبارةُ (أعلاها) أي أعلى العبارات في تأدية المسموع ؛ لدلالته نصّا على السَماعِ الذي هو أعلى الطُرُق .
(ثمّ) بعدَها في المرتبة أن يقول : («حدّثني» و«حدّثنا») ؛ لدَلالتهما أيضا على قراءةِ الشيخ عليه ، لكنّهما يحتملان الإجازةَ ، لما سيأتي من أنّ بعضهم أجازَ هذه العبارة في الإجازة والمكاتبة ، بخلاف «سمعتُ» فإنّه لا يكادُ أحدٌ يقول : «سمعت» في أحاديث الإجازة والمكاتبة ، ولا في تدليس ما لم يَسْمَعْه .
و رُوي عن بعضِ المحدِّثين أنّه كان يقول : «حدّثنا فلانٌ» ويتأوّل أنّه حدّث أهل

1.الكافي ۱ : ۵۱ ـ ۵۲ / ۵ باب رواية الكتب والحديث .

صفحه از 295