الرعاية لحال البداية في علم الدراية - صفحه 237

(و قيل :) العَرضُ (أعلى) من السَماعِ من لفظ الشيخ ۱ .
و ما وقفتُ لهؤلاء على دليلٍ مُقنعٍ إلاّ ملاحظة الأدبِ مع الشيخِ في عدم تكليفه القراءةَ التي هي بصورة أن يكون تلميذا لا شيخا .
(و العبارة عن هذه الطريق) أن يقول الراوي ـ إنْ أراد روايةَ ذلك ـ : («قرأتُ على فلان» أو «قُرئ عليه وأنا أسمع ؛ فأقرّ) الشيخُ (بهِ») أي لم يكتفِ بالقراءةِ عليه ، ولا بعدم إنكارِه ، ولا بإشارته ، بل تلفّظَ بما يقتضي الإقرار بكونه مَرْوِيَّه .
و هذان أعلى عباراتِ هذه الطريقِ ؛ لدَلالتِهما على الواقع صريحا ، وعدمِ احتمالهما غيرَ المطلوب .
(ثُمَّ) بعدهما في المرتبة أن يقول : («حدّثنا» و«أخبرنا» مقيَّدَيْن ب ) قوله : («قراءةً عليه» ونحوه) من الألفاظ الدالّة عليه ، (أو مُطْلَقَيْن) عن قوله : «قراءةً عليه» (على قول) بعض المحدّثين ۲ ؛ لأنّ إقرارَه به قائمٌ مقامَ التحديثِ والإخبار ؛ ومِن ثَمَّ جازا مقترنَيْن بالقراءة عليه .
و قيل : لا يسوغُ هُنا الإطلاق ۳ ؛ لأنّ الشيخَ لم يحدّث ولم يُخْبر وإنْ أقرّ ، وإنّما سمع الحديث ، ولا يلزم من جوازهما مقترنَين جوازُهما مُطْلَقْين ؛ لأنّ الألفاظ المستعملةَ على وجه المجاز تقترن بغيرها من القرائنِ الدالّةِ عليها ، ولا تُطلق كذلك مقيّدة لمعناها .
(و في) قولٍ (ثالثٍ : يجوز إطلاق الثاني) وهو «أخبرنا» (دون الأوّل) وهو «حدّثنا» ۴ ؛ لقوّة إشعاره بالنُطْق والمشافَهة ، دونَ «أخبرنا» فإنّه يتجوّز بها في غيرِ النُطق

1.حكاه عن أبي حنيفة ومالك الطيبي في الخلاصة في أُصول الحديث : ۱۰۲ . ولمعرفة الأقوال والقائلين بها راجع فتح المغيث ۲ : ۱۷۰ ـ ۱۷۳ .

2.حكاه الطيّبي في الخلاصة في أُصول الحديث : ۱۰۲ عن الزهري ومالك وسفيان بن عيينة ، وقال : «و هو مذهب البخاري» . وانظر فتح المغيث للسخاوي ۲ : ۱۷۶ ـ ۱۷۷ .

3.حكاه عن ابن المبارك وأحمد بن حنبل والنسائي وغيرهم : الطيّبي في الخلاصة في أُصول الحديث : ۱۰۲ ؛ والسخاوى في فتح المغيث ۲ : ۱۷۶ .

4.حكاه عن الشافعي وأصحابه ومسلم وجمهور أهل المشرق : الطيّبي في الخلاصة في أُصول الحديث : ۱۰۲ ؛ والسخاوي في فتح المغيث ۲ : ۱۷۸ ـ ۱۷۹ .

صفحه از 295