الرعاية لحال البداية في علم الدراية - صفحه 244

(و قيل : هي) أي الإجازة (إذْنٌ) وتسويغٌ ۱ ؛ وهو المعروفُ . وعلى هذا (فيقول : «أجزتُ له روايةَ كذا») كما يقول : «أذنتُ له» و«سوّغت له» .
(و قد يُحذفُ المضافُ) الذي هو متعلَّق الإذن ، فيقول : «أجزت له مسموعاتي» مثلاً من غير ذكرِ «الرواية» ؛ على وجهِ المَجازِ بالحذف .
و إذا تقرّر ذلك ، فاعلم أنّ المشهورَ بين العلماء من المحدّثين والأُصوليّين أنّه يجوزُ العمل بها ، بل ادّعى جماعةٌ الإجماعَ عليه ۲ ؛ نظرا إلى شُذوذ المخالفِ .
و قيل ـ وهو يُعزى إلى الشافعي في أحدِ قَولَيه ، وجماعة من أصحابه منهم القاضيان : حسين والماوردي ـ : لا تجوزُ الروايةُ بها ؛ استنادا إلى أنّ قولَ المحدّث : «أجزتُ لك أن تروي عنّي» في معنى : «أجزتُ لك ما لا يجوز في الشرع» ؛ لأنّه لا يُبيحُ روايةَ ما لم يُسْمع ، فكانَ في قوّةِ : «أجزتُ لك أن تَكذِبَ عليَّ» ۳ .
و أُجيبَ : بأنّ الإجازة عُرفا في قوّة الإخبار بمرويّاته جملةً ، فهو كما لو أخبره تفصيلاً ، والإخبار غيرُ متوقّفٍ على التصريح نُطقا كما في القراءة على الشيخ ، والغرضُ حصولُ الإفهام وهو يتحقّق بالإجازة ۴ .
و بأنّ الإجازةَ والروايةَ بالإجازةِ مشروطان بتصحيحِ الخبر من المُخْبر ، بحيث يوجَدُ في أصلٍ صحيحٍ مع بقيّة ما يُعتبر فيها ، لا الرواية عنه مطلقا سواءٌ عُرِفَ أم لا ، فلا يتحقّق الكذب .
ثمّ اختلف المجوّزون في ترجيح السَماع عليها أو العكس على أقوالٍ ، ثالثها الفرقُ بينَ عصرِ السَلَفِ قبلَ جَمع الكُتُب المعتبرةِ التي يُعوَّلُ عليها ويُرجَع إليها ، وبينَ عصر المتأخّرين ۵ .

1.راجع مقدّمة ابن الصلاح : ۱۱۱ ؛ والخلاصة في أُصول الحديث : ۱۰۵ .

2.حكاه في تدريب الراوي ۲ : ۲۹ عن أبي الوليد الباجي وعياض ؛ وأيضا السخاوي في فتح المغيث ۲ : ۲۱۸ .

3.كما في مقدّمة ابن الصلاح : ۱۰۶ ؛ والخلاصة في أُصول الحديث : ۱۰۵ . وراجع أيضا فتح المغيث ۲ : ۲۱۸ ـ ۲۲۱ .

4.كما في مقدّمة ابن الصلاح : ۱۰۶ ؛ والخلاصة في أُصول الحديث : ۱۰۶ .

5.حكاه عن الطوفي في تدريب الراوي ۲ : ۳۱ . وانظر فتح المغيث للسخاوي ۲ : ۲۱۵ ـ ۲۱۶ ؛ فإنّه حكى الأقوال مع ذكر قائليها .

صفحه از 295