و على هذا جرى السلفُ والخلفُ ؛ كأنّهم رأوا الطفلَ أهلاً لتحمّل هذا النوع من أنواع حملِ الحديث النبوي ليؤدّيَ به بعد حصول أهليّته ، حرصا على توسّع السبيل إلى بقاء الإسناد الذي اختصّت به هذه الأُمّة ، وتقريبه من رسول اللّه صلى الله عليه و آله بعلوّ الإسناد .
(و فيها) أي في الإجازة (للحَمْل) قبلَ وضعه (وجهان) بل قولان : بالصحّةِ ؛ نظرا إلى وجودِه ، وعدمه ؛ نظرا إلى عدمِ تميّزه . وقد تقدّم أنّه غيرُ مانعٍ ، فيتّجه الجوازُ .
(و تصحّ للكافر) كما يصحّ سَماعُه ؛ للأصل . (و) تظهرُ (الفائدةُ إذا أسلم) ، وقد وقع ذلك في قريبٍ من عصرنا ، وحصل بها النفعُ .
(و للفاسق والمبتدع بطريقٍ أولى) ؛ فرجاءُ زوال فِسْق المسلم أقربُ ، ورواية المبتدع تُقْبل على بعض الوجوه ، وقد تقدّم .
و (لا) تجوز الإجازةُ (بما لم يتحمّله) المجيز من الحديث (ليرويه عنه إذا تحمّله) المجيزُ بعدَ ذلك ؛ لما عرفتَ من أنّها في حكم الإخبار بالمُجازِ جملةً ، أو إذنٌ ، ولا يُعقل أن يُجيز بما لم يُجَز به ، ولا أن يأذنَ في ما لا يَملِكُ ، كما لو وَكَّلَ في بيع العبد الذي يُريد أن يشتريَه .
و ذهبَ بعضُهم إلى جوازه ؛ بناءً على جواز الإذن كذلك حتّى في الوكالةراجع مقدّمة ابن الصلاح : 110 ؛ وفتح المغيث للسخاوي 2 : 262 ـ 265 . .
و حينئذٍ (فيتعيّن) مَنْ يريد الإجازة بجميع مسموعاته ـ مثلاً ـ (في الرواية تحقيق ما تحمّله) منها (قبلَها ليرويَه) . لكن لو قال : «أجزتُ لك ما صحّ ويصحُّ عندك من مسموعاتي» ـ مثلاً ـ صحّ أن يروي بذلك عنه ما صحّ عندَه بعد الإجازة أنّه سمعه قبلَ الإجازة ۱ .
و أجاز بعضُهم إجازةَ ما يتجدّد من روايته ممّا لم يتحمّله ؛ ليرويَه المُجازُ له إذا تحمّله المُجيزُ بعدَ ذلك ، وقد فعلَه جماعةٌ من الأفاضل .
(و تصحّ) للمُجازِ له (إجازةُ المُجازِ) لغيره ، فيقول : «أجزتُ لك مُجازاتي» أو
1.راجع مقدّمة ابن الصلاح : ۱۱۰ ؛ وفتح المغيث للسخاوي ۲ : ۲۶۲ ـ ۲۶۵ .