الرعاية لحال البداية في علم الدراية - صفحه 257

و هو غلطٌ ؛ فإنّ القائل بهذا النوع دونَ الوجادة متحقّقٌ .
و وجّهوه : بأنّ في دفع الكتابِ إليه نوعا من الإذن ، وشَبَها من العَرْض والمُناولةِ .
و روى ابن حمّاد بن يزيدَ عن أيّوب السختياني ، قال : قلتُ لمحمّد بن سيرين : إنّ فلانا أوصى إليَّ بكتُبه ، أ فأُحدّثُ عنه؟ قال : نعم .
قال حمّاد : وكان أبو قُلابة يقول : اِدفعوا كُتبي إلى أيّوب إن كان حيّا ، وإلاّ فاحرِقوها ۱ .
(و سابعها : الوِجادة) بكسر الواو (و هي مصدر «وَجَدَ يَجدُ» ، مولَّدٌ) من غير العرب ، (غيرُ مسموع) من العرب الموثوق بعربيّتهم ، وإنّما ولّده العلماءُ بلفظ الوِجادة لما أُخذَ من العلم من صحيفةٍ ، من غير سَماعٍ ولا إجازةٍ ولا مناولةٍ ؛ حيثُ وجَدوا العرب قد فرّقوا بين مصادر «وَجَدَ» للتمييز بينَ المعاني المختلفة ؛ فإنّهم قالوا : «وَجَدَ ضالّته وِجْدانا» بكسر الواو ، و«إجدانا» بالهمزة المكسورة ، و«وَجَدَ مطلوبَه وجُودا» ، وفي الغضب : «مَوْجِدَةً» و«وجدَةً» ، وفي الغنى : «وجْدا» مثلّث الواو ، وقُرئَ بالثلاثة في قوله تعالى : « أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ »۲ ، وفي الحُبِّ : «وَجْدا» .
فلمّا رأى المولِّدون مصادِر هذا الفعل مختلفةً بسبب اختلافِ المعاني ، ولّدوا لهذا المعنى «الوِجادة» للتمييز .
(و هو) أي هذا النوع من أخْذِ الحديث ونقلِه (أنْ يَجِدَ) إنسانٌ كتابا أو حديثا (مرويَّ إنسانٍ بخطّه) ، معاصرٍ له أو غير معاصرٍ ، ولم يسمعه منه هذا الواجِدُ ، ولا له منه إجازةٌ ، ولا نحوها ، (فيقولُ : «وَجَدْتُ») أو : «قرأتُ (بخطّ فلانٍ») أو : «في كتاب فلان بخطّه : حدّثنا فلان» ، ويسوق باقي الإسناد والمتن ، أو يقول : «وجدتُ بخطّ فلان

1.رواه السخاوي في فتح المغيث ۳ : ۱۸ .

2.سورة الطلاق (۶۵) : ۶ .

صفحه از 295