وبعضِ الشافعيّة ۱ .
(و مَنْ لا يعلم مقاصدَ الألفاظ وما يُحيل معانيها) ومقادير التفاوُت بينها (لم) يَجُزْ له أن (يرو)يَ الحديثَ (بالمعنى) ، بل يقتصر على روايةِ ما سَمِعَه باللفظ الذي سمعه ، بغير خلافٍ .
(ف) أمّا (إن عَلِم) بذلك (جاز) له الروايةُ بالمعنى على أصحّ القولين ؛ لأنّ ذلك هو الذي تشهدُ به أحوال الصحابة والسلف الأوّلين ، وكثيرا ما كانوا ينقلون معنىً واحدا في أمر واحدٍ بألفاظٍ مختلفةٍ ، وما ذاك إلاّ لأنّ معوّلهم كان على المعنى دونَ اللفظ ، ولأنّه يجوزُ التعبير بالعجميّة للعَجَمي فبالعربي أولى .
و في صحيحة محمّد بن مسلم قال : قلتُ لأبي عبد اللّه عليه السلام : أسمع الحديثَ منك فأزيد وأنقص؟ قال : «إن كنتَ تُريد معانيَه فلا بأسَ» ۲ .
و عن داود بن فَرْقد قال : قلتُ لأبي عبد اللّه عليه السلام : إنّي أسمع الكلامَ منك فأُريدُ أن أروِيَه كما سمعتُه منك فلا يجيءُ . قال : «فتتعمّد ذلك؟» قلتُ : لا . فقال : «تريد المعاني؟» قلت : نعم . قال : «فلا بأس» ۳ .
و في خبر آخَر عنه عليه السلام حين سئل : أسمع الحديثَ منك فلعلّي لا أرويه كما سمعته؟ فقال : «إذا حفظتَ الصُلْبَ منه فلا بأس ؛ إنّما هو بمنزلة : تعالَ ، هَلُمَّ ، واقعدْ ، واجلسْ» ۴ .
(و قيل :) إنّما تجوز الروايةُ بالمعنى (في غيرِ الحديث النبويّ) ، لأنّه صلى الله عليه و آلهأفصحُ مَنْ نَطَقَ بالضاد ، وفي تراكيبه أسرارٌ ودقائقُ لا يُوقَفُ عليها إلاّ بها كما هيَ ؛ فإنَّ لكلّ تركيبٍ من التراكيب معنىً بحسب الفَصْل والوَصْل والتقديم والتأخير ، لو لم يُراعَ
1.حكاه عنهم في مقدّمة ابن الصلاح : ۱۳۵ ؛ والخلاصة في أُصول الحديث : ۱۱۳ .
2.الكافي ۱ : ۵۱ / ۲ باب رواية الكتب والحديث .
3.الكافي ۱ : ۵۱ / ۳ باب رواية الكتب والحديث .
4.حكاه عن كتاب الإجازات لابن طاووس في وسائل الشيعة ۲۷ : ۱۰۵ / ۸۷ باب ۸ من أبواب صفات القاضي ؛ والبحار ۱۰۴ : ۴۴ . وفيهما : «إذا أصبت» بدل «إذا حفظت» .