لذهب مقاصدُها ، بل لكلّ كلمةٍ مع صاحبتِها خاصّيةٌ مستقلّةٌ ، كالتخصيص والاهتمام وغيرِهما ، وكذا الألفاظُ التي تُرى مشتركةً أو مترادفةً إذا وُضِعَ كلٌّ موضِعَ الآخرِ فاتَ المعنى الذي قُصِدَ به ۱ .
و من ثَمَّ قال صلى الله عليه و آله : «نَضَّرَ اللّه عبدا سمعَ مقالتي فحَفِظَها ووعاها ، وأدّاها كما سَمِعَها ؛ فربَّ حاملِ فقهٍ غيرِ فقيهٍ ، وربَّ حاملِ فقهٍ إلى مَنْ هو أفقهُ منه» ۲ .
و لا ريبَ أنّه أولى ، وإن كان الأصحُّ الأوّل ؛ عملاً بتلك النصوص .
و هذه المحذوراتُ تندفعُ بما شرطناه ، وإن بقي مزايا لا يفوت معها الغرضُ الذاتي من الحديث .
و هذا كلّهُ في غير المصنَّفات .
(و المصنَّفات لا تُغَيَّر) أصلاً ، وإن كان بمعناه ؛ لأنّه يخرجُ بالتغيير عن وضعه ومقصود مصنِّفه ، ولأنّ الروايةَ بالمعنى رُخِّصَ فيها لما في الجمودِ على الألفاظِ من الحَرَجِ ، وذلك غيرُ موجود في المصنَّفات المُدوَّنةِ في الأوراقِ .
(و)ينبغي أن (يقول عقيب) الحديثِ (المرويّ بالمعنى والمشكوك فيه) هل وقع باللفظ أو المعنى : («أو كما قالَ») ونحوه من الألفاظ الدالّةِ على المقصود؛ لما فيه من التحرُّز من الزَلَل ، من حيث اشتمال الرواية بالمعنى على الخَطَر ، وقد رُويَ فعلُ ذلك من الصحابة عن ابن مسعود وأبي الدرداء وأنس رضي الله عنهم ۳ .
(و لم يُجَوِّز مانعو الرواية) للحديث (بالمعنى ، وبعضُ مجوّزيها) أيضا ، (تقطيعَ الحديثِ) بحيث يُروى بعضُه دون بعضٍ ، (إن لم يكن) هذا المقطِّعُ
1.حكاه الطيّبي عن قومٍ واختاره في الخلاصة في أُصول الحديث : ۱۱۳ ـ ۱۱۴ . وفي فتح المغيث ۳ : ۱۴۱ ـ ۱۴۲ نسبه إلى مالك .
2.تحف العقول : ۳۶ ؛ سنن أبي داود ۳ : ۳۲۲ / ۳۶۶۰ ؛ سنن ابن ماجة ۱ : ۸۴ ـ ۸۶ / ۲۳۰ ، ۲۳۱ ، ۲۳۶ ؛ سنن الترمذي ۵ : ۳۴ ـ ۳۵ / ۲۶۵۷ ـ ۲۶۵۸ . وللعلاّمة المامقاني كلام في ردّ الحديث متنا وسندا ، راجع مقباس الهداية ۳ : ۲۳۹ ـ ۲۴۱ .
3.حكاه عنهم في مقدمة ابن الصلاح : ۱۳۶ ؛ والخلاصة في أُصول الحديث : ۱۱۵ ؛ وفتح المغيث للسخاوي ۳ : ۱۴۸ .