الرعاية لحال البداية في علم الدراية - صفحه 268

(و قيل : بل يجوز) إذا عرف أنّ المحدِّثَ ضابطٌ متحفِّظٌ يميّز الألفاظَ المختلفةَ ، وإلاّ فلا ۱ .
و كانَ غيرُ واحدٍ من أهل العلم إذا روى مثلَ هذا يُوردُ الإسناد ويقول : «مِنْ حديثٍ قبلَه ؛ متنُه كذا وكذا» ثمّ يسوقه .
و كذلك إذا كان المحدّث قد قال : «نحوه» .
(و إذا ذكر) المحدّثُ (إسنادا وبعضَ متنٍ وقال) بعدَه : («و ذَكَر الحَديث») أو قال : «و ذَكَر الحديثَ بطوله» ، (ففي جواز رواية) الحديثِ السابق (كلّه بالإسناد) الثاني (القولان) السابقان في قوله : «مثله» و«نحوه» ؛ من حيث إنّ الحديثَ الثاني قد يُغاير الأوّل في بعض الألفاظ وإن اتّحد المعنى ، ومن أنّ الظاهرَ أنّه هو بعينه ، (و أولى بالمنع) هنا ؛ لأنّه لم يصرّح بالمماثَلةِ ، ويُمكن أن تكونَ اللامُ في «الحديث» للعهد الذهني ، وهو الحديث الذي لم يُكْمله ، وإنّما اقتصر عليه لكونه بمعنى الأوّل .
و الأولى أنْ يبيّنَ ذلك ؛ بأن يقصَّ ما ذكره الشيخ على وجهه ثمّ يقول : «قال وذَكَر الحديثَ» ، ثمّ يقول : «و الحديث هو كذا وكذا» ويسوقه إلى آخره .
(و إذا سمع بعضَ حديثٍ عن شيخه وبعضَه عن) شيخٍ (آخر ، روى جملته عنهما) في حال كونه (مبيِّنا أنّ بعضَه عن أحدهما وبعضَه عن الآخر ، ثمّ يصير) الحديثُ بذلك (مُشاعا بينَهما) ؛ حيثُ لم يتبيّن مقدارُ ما رُوي منه عن كلٍّ منهما .
فإذا كانا ثقتين فالأمرُ سهلٌ ؛ لأنّه يُعمل به على كلّ حالٍ ، (فإن كان أحدهما مجروحا لم يحتجّ بشيءٍ منه) ، لاحتمال كون ذلك الشيء مرويّا عن المجروح إذا لم يتميّز مقدارُ ما رواه عن كلٍّ منهما ليحتجّ بالجزء الذي رواه عن الثقةِ إن أمكن ، ويُطرح الآخرُ . واللّه الموفّق .

1.حكاه عن بعض أهل العلم الخطيب البغدادي في كتاب الكفاية : ۲۱۲ وابن الصلاح عنه في مقدمته : ۱۴۴ .

صفحه از 295