وصول الأخيار إلي أُصول الأخبار - صفحه 334

فلمْ يَزَلْ بِزِنادِ الإيمان قادِحا ، ولِعُبّاد الأوْثان مكافِحا ، وبالحُقُوْق طالِبا ، وعن الفُسُوْق ناكِبا ، حتّى شَدَّ من الحقّ قواعِدَهُ ، وهَدَّ من الباطِل أوابِدَهُ ، وأظْهَرَ من الدين حقائِقَهُ ، وأنْوَرَ من اليقين شوارِقَهُ ، فأقامَ بإرْساله الحُجّةَ ، وقَوَّمَ بآلِهِ وأنْسالِهِ المَحَجَّةَ ، فأنارَ بهم الهُدى ، وأبارَ الرَدى ، وجَعَلَهُم الحُجَجَ على خلقه ، والبابَ المؤدّي إلى معرفة حقّه ، ليَدينَ بهداهم العبادُ ، وتُشْرِقَ بنورهم البلادُ ، وجَعَلَهُم حياةً للأنام ، ومصابيحَ للظلام ، ومفاتيحَ للكلام، ودعائمَ للإسلام ، بعد أن اختارهم من أرجح الخليقة مِيْزانا، وأوْضَحها بَيانا ، وأفصحها لِسانا ، وأسمحها بَنانا ، وأعلاها مَقاما ، وأحلاها كلاما ، وأوفاها ذِماما ، وأبعدها هِمَما ، وأطهرها شِيَما ، وأغْزَرها دِيَما ، فأوْضَحُوا الحقيقةَ ، ونَصَحُوا الخليقةَ ، وشَهَرُوا الإسلامَ ، وكَسَرُوا الأصنامَ ، وأظْهَرُوا الأحكامَ ، وحَظَرُوا الحرامَ ؛ فعليهم جميعا أفضلُ الصلاة وأتمُّ السلام ، صلاةً وسلاما دائمين بدوام الليالي والأيّام .
وبعدُ : فيقولُ فقيرُ رحمة ربّه الغنيّ حسينُ بنُ عبد الصمد ، الحارثيُّ الهَمْدانيُّ ، أصلح اللّهُ أعمالَه وبلَّغه آمالَه : لمّا كانَ التَفَقُّهُ ـ في زماننا هذا ـ واجبا على كلّ المكلّفين ، وبه تحصل السعادةُ في الدنيا والدين ، وهو ميراثُ النبيّين ، وحليةُ الأولياء والمقرّبين .
فقد رُوِّيْنا بطريقنا الآتي ذكره وغيره ، عن محمّد بن يعقوب الكُلَيْنيّ رحمه اللّه تعالى ، عن عليّ بن محمّد بن عبد اللّه ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن عثمان بن عيسى ، عن عليّ بن أبي حمزة ، قال : سمعتُ أبا عبد اللّه عليه السلاميقول : «تفقّهوا في الدين ؛ فإنّه مَنْ لم يتفقّه في الدين فهو أعرابيٌّ ، إنّ اللّه يقول : «لِيَتَفَقَّهُواْ فِى الدِّينِ وَ لِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ » » . ۱
وعنه ، عن الحسين بن محمّد ، عن جعفر بن محمّد ، عن القاسم بن الربيع ، عن مفضّل بن عمر ، قال : سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول : «عليكم بالتفقّه في دين اللّه ، ولا تكونوا أعرابا ؛ فإنّه مَنْ لم يتفقّهْ في دين اللّه لم ينظر اللّهُ إليه يومَ القيامة ، ولم يُزكِّ لَهُ عملاً»الكافي 1 : 31 ، كتاب فضل العلم ، باب فرض العلم ووجوب طلبه والحثّ عليه ، ح 7 ؛ المحاسن : 2 : 228 ، ح 162 . .

1.الكافي ۱ : ۳۱ ، كتاب فضل العلم ، باب فرض العلم ووجوب طلبه والحثّ عليه ، ح ۶ . والآية في سورة التوبة (۹) : ۱۲۲ .

صفحه از 515